للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن السماحة والمروة ضمنا ... قبرا بمرو على الطريق الواضح

فإذا مررت بقبره فاعقر به ... كوم الجياد وكل طرف سابح

فقال لي: أخطأ قائل هذا الشعر, فقلت: كيف؟ قال: ويحك لو نحر نجب خراسان ما أثر في حقه, هلا قال مثل هذا.

وأنشد:

احملاني إن لم يكن لكما عق ... ر إلى جنب قبره فاعقراني

وافضحا من دمي عليه فقد كا ... ن دمي من نداه لو تعلمان

فلما عدت إلى المبرد قصصت عليه القصة فقال لي: تعرفه؟ قلت: لا, قال: ذاك خالد الكاتب, تأخذه السوداء أيام الباذنجان. انتهى قلت: إن صحت هذه الحكاية, بطل نسبة البيتين المذكورين إلى السيد أبي محمد المذكور, لأن المبرد توفي سنة خمس وقيل ست وثمانين ومائتين ووفاة الشريف أبي محمد المذكور على ما أرخه العماد الكاتب في الخريدة سنة سبع وثلاثين وخمسمائة, فيتعين نظم البيتين المذكورين قبل وجوده بمدة مديدة والله أعلم.

ومن المرقص أيضاً قول السيد شيخ الشرف تاج الدين محمد بن القاسم بن معيد الحسيني:

لا وما قد ضمه مر ... طك من غصن رطيب

ما حوى رمان نهدي ... ك سوى حب القلوب

وقول الشريف ضياء الدين ابي عبد الله زيد بن محمد بن عبيد الله الحسيني نقيب العلويين بالموصل:

قالوا سلا صدقوا عن السلوان ليس عن الحبيب

قالوا فلم ترك الزيا ... رة قلت من خوف الرقيب

قالوا فكيف يعيش مع ... هذا فقلت من العجيب

وأنشدني شيخنا العلامة محمد بن علي الشامي للسيد أحمد الصفوي الشامي من شعراء العصر:

صه يا حمام فلست المشوق ... ولا بات حالك فيها كحالي

فمن من تباكى كمن قد بكى ... ودمع الأسى غير دمع الدلال

وهو من مهيار الديلمي:

أبكي وتبكي غير أن الأسى ... دموعه غير دموع الدلال

ومما وقع لي أنا في هذا الباب قولي:

على ما حاديهم لو كان عاجا ... فقضى حين مضى للصب حاجا

ظعنوا والقلب يقفوا إثرهم ... تبع العيس بكورا وأدلاجا

سلكوا من بطن فج سبلا ... لا عدا صوب الحيات تلك الفجاجا

هم أرقوا بنواهم أدمعي ... وأهاجوا لاعج الوجد فهاجا

كم أداجي في هواهم كاشحا ... أعجز الكتمان من حب فداجى

وعذولا يظهر النصح بهم ... فإذا نهنهته زاد لجاجا

طارحتني الورق فيهم شجنا ... والصبا أوجت شجى والبرق ناجى

يا بريقا لاح من حيهم ... يصدع الجو ضياء وابتلاجا

أنت جددت بتذكارهم ... للحشا وجدا وللطرف اختلاجا

هات فاشرح لي أحاديهم ... إنها كانت لما تشكو علاجا

علها تبرئ وجدا كامنا ... كلما عالجته زاد اعتلاجا

ما لقلبي والصبا ويح الصبا ... كلما مرت به زاد اهتياجا

خطرت سكرى بريا نشرهم ... وتحلت منهم عقدا وتاجا

يحسد الروض شذاها سحرا ... فترى الأغصان سرا تتناجى

آه من قوم سقوني في الهوى ... صرف حب لم أذق معه مزاجا

خلفوا جسمي وقلبي معهم ... كيفما عاجت حداة العيس عاجا

أتراهم علموا كيف دجا ... مربع كانوا لناديه سراجا

أم دروا أنا ودنا بعدهم ... سائغ العذب من البلوى أجاجا

وهم غاية آمالي وهم ... سار في الحب بهم ذكري فراجا

لا عراهم حادث الدهر ولا ... برحت أيامهم تبدي ابتهاجا

وقولي أيضاً:

يا دار مية باللوى فالأجرع ... حياك منهمل الحيا من أدمعي

وسرى نسيم الروض يسحب ذيله ... بمصيف أنس من حماك ومربع

لو لم تبيتي من أنيسك بلقعا ... ما بت أندب كل دار بلقع

لم أنس عهدي والأحبة جيرة ... والعيش صفو في ثراك الممرع

أيام لا أصغي للومة لائم ... سمعاً وأن تعر الصبابة أسمع

حيث الربى تسري برياها الصبا ... والروض زاهي النور عذب المشرع

تحنو علي عواطفا أفنانه ... عند المبيت به حنو المرضع

والورق في عذب الغصون سواجع ... تشد وبمرأى من سعاد ومسمع

كم بت فيه صريع كأس مدامة ... حلف البطالة لا أفيق ولا أعي

أصبو بقلب لا يزال موزعا ... في الحب بين معمم ومقنع

مستهترا طوع الصبابة في هوى ... قمري جمال مسفر ومبرقع

<<  <   >  >>