للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قل لأحبابنا فداكم فؤاد ... ليس يسلو ومقلة لا تنام

بنتم فالسهاد عندي رقاد ... مذنأ يتم والعيش عندي حمام

فعلى الكرخ فالقطيعة فالشط فباب الشعير مني السلام

يا ديار السرور لا زال يبكي ... بك في مضحك الرياض غمام

رب عيش صحبته فيك غض ... وجفون الخطوب عني نيام

في ليال كأنهن أمان ... من زمان كأنه أحلام

وكأن الأوقات فيها كؤوس ... دائرات وأنسهن مدام

زمن مسعد والفٌ وصولٌ ... ومنى تستلذها الأوهام

كل أنس ولذة وسرور ... قبل لقياكم علي حرام

وقوله:

قد برح الحب بمشتاقك ... فأوله أحسن أخلاقك

لا تجفه وأروع له حقه ... فإنه خاتم عشاقك

وقوله:

مالي ومالك يا فراق ... أبدا رحيل وانطلاق

يا نفس موتي بعدهم ... فكذا يكون الاشتياق

ومن المرقص أيضاً قول القاضي أبي القاسم علي بن محمد التنوخي:

وراح من الشمس مخلوقة ... بدت لك في قدح من نهار

هواء لكنه ساكن ... وماء ولكنه غير جار

كأن المدير لها باليمين ... إذا مال للسقي أو باليسار

تدرع ثوبا من الياسمين ... له فرد كم من الجلنار

هكذا أورد هذه الأبيات الثعالبي في يتيمة الدهر.

وحكى أبو محمد الحسن بن عسكر الصولي الواسطي قال: كنت ببغداد في سنة أحدى وعشرين وخمسمائة جالساً على دكة بباب أبرز للفرجة, إذ جاء ثلاث نسوة جلسن إلى جانبي فأنشدت متمثلا:

هواء ولكنه راكد ... وماء ولكنه غير جار

وسكت فقالت إحداهن: هل تحفظ لهذا البيت تماما؟ فقلت: وما أحفظ سواه, فقالت: أن أنشدك أحد تمامه وما قبله ماذا تعطيه؟ فقلت: ليس لي شيء أعطيه, ولكني أقبل فاه. فأنشدتني الأبيات المذكورة, وزادت بعد البيت الأول:

إذا ما تأملته وهي فيه ... تأملت ماء محيطا بنار

فهذه النهاية في الابيضاض ... وهذا النهاية في الاحمرار

فحفظت الأبيات منها, فقالت لي: أين الوعد؟ - يعني التقبيل - أرادت مداعبة بذلك والله أعلم ومن المطرب قول أبي القاسم نصر الخبز أرزي:

جيرة فرقتهم غربة البين وبين القلوب وذاك الجوار

كم أناس رعوا لنا حين غابوا ... وأناس جفوا وهو حضار

عرضوا ثم أعرضوا واستمالوا ... ثم مالوا وأنصفوا ثم جاروا

لا تلمهم على التجني فلو لم ... يتجنوا لم يحسن الاعتذار

ومن المرقص قول بديع الزمان الهمداني:

طربا فقد رق الظلا ... م ولاح مصباح الصباح

وسرى إلى القلب العلي ... ل عليل أنفاس الرياح

ومليحة ترنو بنرجسة وتبسم عن أقاح

تشدو كل غنائها ... برد على نيل اقتراحي

قامت وقد برد الحيل تميس في ثني الوشاح

يا ليل هل لك من صبا ... ح أم لنجمك من براح

سأريق ماء شبيبتي ... ما بين ريحاني وراحي

فيم العتاب ولا لهم ... غيي ولا لهم صلاحي

ولعاذلاتي في المليحة عاذلاتك في السماح

وهواي للبيض الصبا ... ح هواك للبيض الصفاح

وولوع كفي بالقداح ... ولوع كفك بالرماح

وعليك إدمان الندى ... وعلي إدمان امتداحي

وقوله من أخرى في السلطان محمود بن سبكتكين:

تعالى الله ما شاء ... وزاد الله إيماني

أأفريدون في التاج ... أم الإسكندر الثاني

أم الرجعة قد عادت ... إلينا بسليمان

أظلت شمس محمود ... على أنجم سامان

وأمسى آل بهرام ... عبيدا لابن خاقان

إذا ما ركب الفيل ... لحرب أو لميدان

رأت عيناك سلطان ... على منكب شيطان

فمن واسطة الهند ... إلى ساحة جرجان

ومن ناحية السند ... إلى أقصى خرسان

على مقتبل العمر ... وفي مفتتح الشان

لك السرج إذا شئت ... على كاهل كيوان

يمين الدولة العقبى ... لبغداد وغمدان

وما يقعد بالمغرب ... عن طاعتك اثنان

إذا شئت ففي يمن ... وفي أمن وإيمان

لما رأيت الزمان نكسا ... ليس في العشرة انتفاع

كل رئيس به ملال ... وكل رأس به صداع

لزمت بيتي وصنت عرضا ... به عن الذلة امتناع

<<  <   >  >>