التلميح فيه إلى قصة الشاة التي أهدتها اليهودية إليه صلى الله عليه وآله وسلم بخيبر, وكانت قد صلتها وسمتها, فأكل منها وأكل القوم, فقال: أرفعوا أيديكم فأنها أخبرتني أنها مسمومة, والقصة مشهورة.
وبيت بديعيتي هو قولي:
تلميحه كم شفى في الخلق من علل ... وما لعيسى يد فيها فلا تهم
التلميح فيه هو الإشارة إلى إبراء عيسى عليه السلام للمرضى. قال البغوي في تفسيره: قال وهب: ربما اجتمع على عيسى عليه السلام من المرضى في اليوم الواحد خمسون ألفا, من أطاق منهم أن يبلغه بلغه, ومن لم يطق مشى إليه عيسى. وكان يداويهم بالدعاء على شرط الإيمان.
وأما إبراء نبينا صلى الله عليه وآله وسلم للمرضى فقد وردت به روايات كثيرة.
روي أن عين قتادة بن النعمان أصيبت يوم أحد حتى وقعت على وجنته, فردها صلى الله عليه وآله, فكانت أحسن من عينه. وبصق على أثر سهم في وجه أبي قتادة في يوم ذي قرد, قال: فما ضرب علي ولا قاح.
وروى النسائي عن عثمان بن حنيف أن أعمى قال: يا رسول الله, أدع الله أن يكشف لي عن بصري, قال: فانطلق فتوضأ, ثم صلّى الله عليه وسلّم ركعتين, ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد نبي الرحمة. يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك أن يكشف عن بصري. اللهم شفعه في. قال: فرجع وقد كشف الله عن بصره.
وروي أن ابن ملاعب الأسنة أصابه استسقاء, فبعث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم, فأخذ بيده جثوة من الأرض, فتفل عليها ثم أعطاها رسوله. فأخذها متعجبا يرى أن قد هزئ به, فأتاه بها - وهو على شفا - فشربها فشفاه الله.
وذكر العقيلي عن حبيب بن فديك - يقال: فويك - أن أباه ابيضت عيناه, فكان لا يبصر بهما شيئا, فنفث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عينه فأبصر, فرأيته يدخل الخيط في الإبرة وهو ابن ثمانين.
ورمي كلثوم بن الحصين يوم أحد في نحره, فبصق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه فبرأ. وتفل على شجة عبد الله بن أنيس فلم تمد. وتفل في عيني علي يوم خيبر وكان رمدا فأصبح بارئا. ونفث على ضربة بساق سلمة بن الأكوع يوم خيبر فبرئت. وفي رجل زيد بن معاذ حين أصابها السيف إلى الكعب (حين قتل ابن الأشرف) فبرئت. وعلى ساق علي بن الحكم يوم الخندق إذ انكسرت فبرأ مكانه وما نزل عن فرسه.
واشتكى عليه بن أبي طالب عليه السلام فجعل يدعو, فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم اشفه (أو عافه) , ثم ضربه برجله فما اشتكى ذلك الوجع بعد.
وقطع أبو جهل يوم بدر يد معوذ بن عفراء. فجاء يحمل يده, فبصق عليها رسول الله صلى الله عليه وآله, وألصقها فلصقت. رواه ابن وهب. ومن روايته أيضاً, أن حبيب بن يساف أصيب يوم بدر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بضربة على عاتقه, حتى مال شقه, فرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونفث عليه حتى صح.
وأتته امرأة من خثعم معها صبي به بلاء لا يتكلم, فأتي بما فمضمض فاه, وغسل يديهن ثم أعطاها إياه وأمره بسقيه, ومسه به, فبريء الغلام وعقل عقلا يفضل عقول الناس.
وعن ابن عباس, جاءت امرأة بابن لها به جنون, فسمح صدره فثع ثعة فخرج من جوفه مثل الجرو الأسود وشفي.
وانكفأ القدر على ذراع محمد بن حاطب وهو طفل, فسمح عليه ودعا له, وتفل فيه فبريء لحينه.
وكانت في كف شرحبيل الجعفي سلعة تمنعه من القبض على السيف وعنان الدابة, فشكاها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فما زال يطحنها بكفه حتى رفعها ولم يبق لها أثر.
وسألته جارية طعاما وهو يأكل, فناولها من بين يديه - وكانت قليلة الحياء - فقالت: إنما أريد من الذي في فيك, فناولها ما في فيه - ولم يكن يسأل شيئاً فيمنعه - فلما استقر في جوفها ألقى عليها من الحياء ما لم يكن امرأة بالمدينة أشد حياء منها.
وبيت بديعية الشيخ إسماعيل المقري قوله:
أهل الفضائل سيماهم تبين ولا ... سيماهم وهي نور في وجوههم