أرد متمماً وصخراً وجبلاً.
ولبعض المغاربة:
كأبي الأمين برأيه وكجده ... أنى توجه وابن يحيى في الندى
أراد الرشيد والمهدي وجعفر.
وحكي أن السلطان أبا زكريا يحيى بن عبد الواحد صاحب أفريقية عرض مرة أجناده وكان فيهم أمرد وسيم، اسم جده النعمان، فسأله السلطان عن اسمه وأعجبه حسنه، فخجل واحمر وجهه فازداد حسناً. فقال السلطان:
(كلمته فكلمت صفحة خده) وسأل من الحاضرين الإجازة فلم يأتوا بشيء فقال السلطان مجيزاً لشطره (فتفتحت فيه شقائق جده) .
وكان المتوكل مضحكان يسمى أحدهما بعرة والآخر شعرة، فسأل شعرة بعرة: ما فعل فلان في حاجتك؟ فقال: ما فتني ولا قطعتك. يشير إلى المثل المشهور: ما فت بعرة ولا قطع شعرة، يضرب للرجل الذي لا يقضي حاجة.
وما أحسن قول بدر الدين ابن الطحان في تخميس بديعية الصفي:
وفاحم كأبي المقداد ذي فنن ... وخاطري كأخي الخنساء لم يكنِ
أراد الأسود وصخر.
وللمؤلف عفا الله عنه في والده:
على باب ابن معصوم انخنا ... ففزنا بالنجاء وبالنجاحِ
هو ابن عطاء المعطي كثيرا ... لنا من جوده ابن أبي رباح
فابن عطاء اسمه واصل، وابن أبي رباح اسمه عطاء. والمعنى: هو واصل ولنا من جوده عطاء.
وبيت بديعيته الشيخ صفي الدين قوله:
وكل لحظ باسم ابن ذي يزن ... في فتكه بالعنى أو أبي هرم
وابن ذي يزن اسمه سيف، وأبو هرم اسمه سنان، ففيه جناسان مضمران.
وابن جابر لم ينظم هذا النوع في بديعيته، وذكره رفيقه في شرحها.
والشيخ عز الدين الموصلي، جنح إلى تجنيس الإشارة لسهولة مأخذه وترك نظم هذا النوع. وسيأتي ذكره بيته في محله. والظاهر أنه عمل بقول القائل كما قال ابن حجة:
إذا منعتك أشجار المعالي ... جناها الغض فاقنع بالشيم
وبيت ابن حجة: أبا معاذ أخا الخنسا كنت لهم=يا معنوي فهدوني بجورهم أبو معاذ اسمه جبل، وأخو الخنساء اسمه صخر، ففيه أيضاً جناسان مضمران على حد ما تقدم، غير أن هذا مأخوذ برمته من قول البهاء زهير المصري، يهجو ثقيلاً:
وجاهل طال به عنائي ... لازمني وذاك من شقائي
أبغض للعين من الأقذاء ... أثقل من شماتة الأعداء
فهو إذا رأته عين الرائي ... أبو معاذ وأخو الخنساء
والبهاء زهير أقدم عصراً من ابن حجة، فذهب تبجحه بذلك ضائعاً.
وبيت الشيخ عبد القادر الطبري مر إنشاده في الجناس المذيل والكلام عليه وسرد البديعيات باعث على إعادته هنا وهو:
معنى ابن تيم أبي النعمان كنت لهم ... وذيل الصبر صبا بالغرام عمي
ابن تيم اسمه سعدان، أراد به تيم بن مرة، ويحتمل أن يكون أراد به غيره، وأبو النعمان اسمه المنذر. وقد أظهرت فيما تقدم عجزي عن فهم معنى هذا البيت. ولم يقع لي شرح هذه البديعية، حتى أراجع ما قاله الناظم إذ صاحب البيت أدرى بالذي فيه.
وبيت بديعيتي قولي:
قدري أبو حسن يا معنوي بهم ... ووصف حالي ابنه حال بحبهم
أردت علياً وحسناً، أي قدري علي بهم، ووصف حال حسن، فحصل جناسان دل عليهما كنايات الألفاظ الظاهرة، أحدهما في صدر البيت وهو (عليّ وعليّ) والثاني في عجزه وهو (حسن وحسن) .
وبيت الشيخ شرف الدين المقري قوله:
لو كان قلبي أبا سفيان وانقلبت ... هند أباه لأضحى قلب جدهم
قال في الشرح: معناه لو كان قلبي أبا سفيان أي صخر - فإن اسم أبي سفيان صخر - وانقلبت هند، أباه أي حرباً لي - فإن اسم أبيه حرب - لأضحى قلبه جدهم، أي قلب أمية مصغرة - فإن اسم جدهم أمية - وهو تصغير أمة. وإن شئت جعلت قلب بمعنى مقلوب، فإن مقلوب أمية هيما، أي لأضحى هيما بمعنى هائماً، فإنه يقال فيه: هايم وهيم، وإن شئت جعلته مقلوب لفظة جدهم، فإن مقلوبها مهدج بكسر الميم وإسكان الهاء وفتح الدال، أي كثر الحنين، قال في الصحاح: والهدجة حنين الناقة على ولدها وقد هدجت فهي مهداج، انتهى. ويجوز في مهداج مهدج، والله أعلم هذا نصه.
قلت: غفر الله للشيخ قد كان في أحد هذه المعاني كفاية عن ذكر الباقي وما جهد القلب حتى يتحمل كل هذا.