للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأول الجميل ... ووال المنح.

ولذ بالمتاب ... أمام الذهاب.

فمن دق باب ... كريم فتح.

وبعضهم يسمي كل ذلك تسجيعا، والصحيح أن بينهما فرقا، وهو أن التسجيع يلزم فيه أن يكون سجع أجزائه على روي البيت، وأن تكون أجزاؤه متزنة، وعددها محصورا، بخلاف التسميط. وذهب الخليل رحمه الله إلى أن الشعر المسمط هو الذي يكون في صدر البيت أبيات مشطورة، أو منهوكة مقفاة، ثم تجمعها قافية مخالفة لازمة للقصيدة حتى تنقضي.

كقول امرئ القيس:

ومستلئم كشفت بالرمح ذيله ... أقمت بعضب ذي سفاسق ميله.

فجئت به في ملتقى الكر خيله ... تركت عناق الطير تحجل حوله.

كأن على سرباله نضح جريال.

وقول المطرزي:

يا خليلي اسقياني بالزجاج ... حلب الكرمة من غير مزاج.

أنا لا ألتذ سمعا باللجاج ... فاسقنيها قبل تغريد الدجاج.

قبل أن يؤذن صبحي بانبلاج.

إن أردت الراح فاشربها صباحا ... بعد أن تصحب أترابا ملاحا.

جمعوا حسنا وأنسا ومزاحا ... وغدوا كالبحر علما وسماحا.

فهم مفتاح باب الابتهاج.

وقول الحريري وهو شطور الأبيات المنهوكة:

خل ادكار الأربع ... والمعهد المرتبع.

والظاعن المودع ... وعد عنهم ودع.

واندب زمانا سلفا ... سودت فيه الصحفا.

ولم تزل معتكفا ... على القبيح الشنع.

كم ليلة أودعتها ... مآثما أبدعتها.

لشهوة أطعمتها ... في مرقد ومضجع.

وكم خطى حثثتها ... في خزية أحدثتها.

وتوبة نكثتها ... لملعب ومرتع.

وكم تجرأت على ... رب السماوات العلى.

ولم تراقبه ولا ... صدقت فيما تدعي.

وكم غمطت بره ... وكم أمنت مكره.

وكم نبذت أمره ... نبذ الحذا المرقع.

وكم ركضت في اللعب ... وفهت عمدا بالكذب.

ولم تراع ما يجب ... من عهده المتبع.

فالبس شعار الندم ... وسكب شآبيب الدم.

قبل زوال القدم ... وقبل سوء المصرع.

واخضع خضوع المعترف ... ولذ ملاذ المقترف.

واعص هواك وانحرف ... عنه انحراف المقلع.

إلام تسهو وتني ... ومعظم العمر فني.

فيما يضر المقتني ... ولست بالمرتدع.

أما ترى الشيب وخط ... وخط في الرأس خطط.

ومن يلح وخط الشمط ... بفوده فقد نعي.

ويحك يا نفس احرصي ... على ارتياد المخلص.

وطاوعي وأخلصي ... واستمعي النصح واعي.

واعتبري بمن مضى ... من القرون وانقضى.

واخشي مفاجاة القضا ... وحاذري أن تخدعي.

وانتهجي سبل الهوى ... وادكري وشك الردى.

وإن مثواك غدا ... في قعر لحد بلقع.

آهاً له بيت البلى ... والمنزل القفر الخلا.

ومورد السفر الألى ... واللاحق المتبع.

بيت يرى من أودعه ... قد ضمه واستودعه.

بعد الفضاء والسعة ... قيد ثلاث أذرع.

لا فرق أن يحله ... داهية أو أبله.

أو معسر أو من له ... ملك كملك تبع.

وبعده العرض الذي ... يحوي الحيي والبذي.

والمبتدي والمحتذي ... ومن رعى ومن رعي.

فيا مفاز المتقي ... وربح عبد قد وقي.

سوء الحساب الموبق ... وهول يوم الفزع.

ويا خسار من بغى ... ومن تعدى وطغى.

وشب نيران الوغى ... لمطعم أو مطمع.

يا من عليه المتكل ... قد زاد ما بي من وجل.

لما اجترحت من زلل ... في عمري المضيع.

فاغفر لعبد مجترم ... وارحم بكاه المنسجم.

فأنت أولى من رحم ... وخير مدعو دعي.

ومن التسميط نوع أخر يسمى تسميط التقطيع، وهو أن يسجع جميع أجزاء تفعيل البيت على روي يخالف القافية، وهو عزيز الوقوع.

كقول ابن أبي الإصبع:

وأسمر مثمر بمزهر نضر ... من مقمر مسفر عن منظر حسن.

<<  <   >  >>