والماء في سوق الغصون خلاخل ... من فضة والزهر كالتيجان
وقول ابن قرناص:
لقد عقد الربيع نطاق زهر ... يضم بغصنه خصراً نحيلا
ودب مع العشي عذار ظل ... على نهر حكى خداً أسيلا
وكلهم قد أخذوا الوجه والعذار من ابن خفاجة حيث قال:
وإني وإن جئت المشيب لمولع ... بطرة ظل فوق وجه غديرِ
وما أحسن قول الشهاب محمد:
إذا الكرى ذر في أجفاننا سنة ... من النعاس منعناها عن الهدبِ
وقول ابن نباتة المصري:
ولما جنى طرفي رياض جمالكم ... جعلت سهادي في عقوبة من جنى
أأحبابنا أن عفتم السفح منزلا ... وأخليتم من جانب الجزع موطنا
فقد حزتموا دمعي عقيقاً ومهجتي ... غضاً وسكنتم من ضلوعي منحنى
وقوله أيضاً:
هذي الحمائم في منابر أيكها ... تملي الغنا والطل يكتب في الورقْ
والقضب تخفض للسلام رؤوسها ... والزهر يرفع زائريه على الحدقْ
وهو أحسن من قول ابن تميم:
إني لأشهد للحمى بفضيلة ... من أجلها أصبحت من عشاقهِ
ما زاره أيام نرجسه فتى ... إلا وأجلسه على أحداقهِ
وقول ماني الموسوس:
دعتني إلى وصلها جهرة ... ولم تدر أني لها أعشقُ
فقمت وللقسم من مفرقي ... إلى قدمي ألسن تنطق
وما أجود قول أبي طاهر البغدادي في نار القرى:
خطرت فكاد الورق تسجع فوقها ... إن الحمام لمغرم بالبانِ
من معشر نشروا على تاج الربى ... للطارقين ذوائب النيران
وهو مأخوذ من قول الأول:
يبيتون في المشتى خماصاً وعندهم ... من الزاد فضلات تعد لمن يقرى
إذا ضل عنهم طارق رفعوا له ... من النار في الظلماء ألوية حمرا
وقول صردر:
قوم إذا حيا الضيوف جفانهم ... ردت عليهم ألسن النيرانِ
ومنه قول التهامي:
نادته نارك وهي غير فصيحة ... فأتم خفق ذوائب النيرانِ
وقد بالغ مهيار الديلمي في قوله:
ضربوا بمدرجة الطريق قبابهم ... يتقارعون على قرى الضيفانِ
ويكاد موقدهم يجود بنفسه ... حب القرى حطباً على النيران
ومن بديع الاستعارة على سخفه ومجونه قول السعيد بن سناء الملك:
يا هذه لا تستحي ... مني في انكشف المغطى
إن كان كسك قد تثأ ... ب إن أيري قد تمطى
فاستعارة التثأب والتمطي هنا من أحسن الاستعارات. قال ابن جبارة: أنشدني ابن سناء الملك هذا وزادني الإعجاب به، فلما عدت إلى البيت، أخذت جزء من البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي، فوجدت فيه، أن بغدادية قالت الأخرى: خرجت اليوم إلى العيد؟ قالت أي وحياتك. قالت لها: فما رأيت؟ قالت: أحراءً تتثأب وأيوراً تتمطى. فلما اجتمعت به قلت لها: قد عرفت وعثرت على الكنز الذي انتهبته، وحكيت لها الحكاية فقال: سيدنا يفتش عن أمري.
ومن طريف الاستعارات قول أبي الوليد بن الجنان الكناني الشاطبي:
هات المدام فقد ناح الحمام على ... فقد الظلام وجيش الصبح في غلبِ
وأعين الزهر من طول البكاء رمدت ... فكحلتها يمين الشمس بالذهبِ
والكأس حلتها حمراء مذهبة ... لكن أزرارها من لؤلؤ الحبب
كم قلت للأفق لما أن بدا صلفا ... بشمسه عندما لاحت من الحجب
إن تهت بالشمس يا أفق السماء فلي ... شمسان خد نديمي وابنة العنب
تم فاسقنيها وثغر الصبح مبتسم ... والليل تبكيه عين الشمس بالشهب
والسحب قد لبست سود الثياب وقد=قامت لترثيه الأطيار في القضب وقول شيخنا العلامة محمد بن علي الشامي:
قم هاتها وضمير الليل منشرح ... والبدر في لحبة الظلماء يسبحُ
عجل بها وحجاب الليل منسدل ... من قبل يدري بنا في وكره الصبح
واستضحك الدهر قد طال العبوس به ... لا يضحك الدهر حتى يضحك القدح
فقام والسكر يعطو في مفاصله ... يكاد يقطر من أعطافه المرحُ
يطوف والليل بالجوزاء منتطق=بها علينا رشا بالحسن متشح منها:
فما تبسم في وجه الصبا قدح ... حتى تنفس من جيب الدجى وضحُ
ودعته وجبين الصبح منذلق=وللظلام لسان ليس يجترح
ولا يطيب الهوى يوماً لمغتبقٍ ... حتى يكون له في اليوم مصطبح