ولنكتف منه بهذا المقدار وله كل معنى مليح، وكانت وفاته سنة سبع وسبعين وألف بمكة المشرفة، وهي مولده ومنشؤه وموطنه.
رجع. ومنه بين أربعة وأربعة قول بعضهم:
ثغر وخد ونهد واحمرار يد ... كالطلع والورد والرمان والوهجِ
وقول ابن خفاجة وليس لها في الحسن نظير:
ومهفهف طاوي الحشا ... خنث المعاطف والنظرْ
ملأ العيون بصورة ... تليت محاسنها سور
فإذا رنا وإذا مشى ... وإذا شدا وإذا سفر
فضح الغزالة والغما ... مة والحمامة والقمر
وهذه الأبيات عارض بها قول أبي الحسين علي بن بشر الكاتب أحد شعراء اليتيمة:
يا من يمر ولا تمر ... به القلوب من الفرق
بعمامة من خده ... أو خده منها استرقْ
فكأنه وكأنها ... قمر تعمم بالشفق
فإذا بدا وإذا انثنى ... وإذا شدا وإذا نطق
شغل الخواطر والجوا ... رح والمسامع والحدق
ولا يخفى أن أبيات ابن خفاجة تفوق هذه بترتيب اللف والنشر وتزيد عليها زيادة العشرين على العشر.
ومنه بين خمسة وخمسة.
قول أبي جعفر الأندلسي رفيق بن جابر وشارح بديعيته:
ملك يجيء بخمسة من خمسة ... كفي الحسود بها فمات لما به
من وجهه ووقاره وجواده ... وحسامه بيديه يوم ضرا به
قمر على رضوى تسير به الصبا ... والبرق يلمع من خلال سحابه
وقول أبي محمد بن حزم الأندلسي:
خلوت بها والسراح ثالثة لنا ... وجنح الظلام الليل قد مد واعتلج
فتاة عدمت العيش إلا بقربها ... فهل في ابتغاء العيش ويحك من حرج
كأني وهي والكأس والخمر والدجى ... حيا وثرى كالبدر والتبر والسبج
ولابن جابر ناظم البديعية بن ستة وستة:
إن شئت ظبياً أو هلالاً أو دمى ... أو زهر غصن في الكثيب الأملدِ
فللحظها ولوجهها ولشعرها ... ولخدها والقد والردف أقصد
وقلت أنا في ذلك:
الصبح والليل وشمس الضحى ... والدهر والدر ولين القضيبْ
في الفرق والطرة والوجه وال ... خدين والثغر وقد الحبيب
ولنجم الدين البارزي بين سبعة وسبعة:
يقطع بالسكين بطيخة ضحى ... على طبق في مجلس لا صاحبهْ
كبدر ببرق د شما أهلة ... لدى هالة في الأفق بين كواكبه
كل من ألفاظ النشر في البيت الثاني من هذين البيتين راجع إلى منصوص في البيت الأول، إلا الأهلة فإنه راجع إلى الأشطار المفهومة من قوله: يقطع.
وسبق إلى هذا المعنى ابن قلاقس حيث قال:
أتانا الغلام ببطيخة ... وسكينة أحكموها صقالا
فقسم بالبرق شمس الضحى ... وأعطى لكل هلال هلال
وقال آخر:
ولما بدا ما بيننا منية النفس ... يحزز بالسكين صفراء كالورسِ
توهمت بدر التم قد أهلة ... على أنجم بالبرق من كرة الشمس
ولابن مقاتل الحموي بين ثمانية وثمانية:
خدود وأصداغ وقد ومقلة ... وثغر وأرياق ولحن ومعربِ
كورد وسوسان وبان ونرجس ... وكأس وجريال وجنك ومضرب
وللصفي الحلي:
وظبي بقفر فوق طرف مفوق ... بقوس رمى في النقع وحشا بأسهمِ
كبدر بأفق فوق برق بكفه ... هلال رمى في الليل جنا بأنجم
ولبعضهم بين عشرة وعشرة:
شعر جبين محيا معطف كفل ... صدغ فم وجنات ناظر ثغرُ
ليل صباح هلال بانة ونقا ... آس أقاح شقيق نرجس در
ولابن جابر بين اثني عشرة واثني عشرة:
فروع سنى قد كلام فم لمى ... حلى عنق ثغر شذى مقلة خدُّ
دجى قمر غصن جنى خاتم طلا ... نجوم رشا در كبى نرجس ورد
وجل القصد هنا أن يكون اللف والنشر في بيت واحد خاليا من الحشو وعقادة التركيب جامعاً بين سهولة اللفظ والمعاني المخترعة، وهنا انقضى الكلام على اللف والنشر المرتب.
والضرب الثاني مما ذكر فيه المتعدد تفصيلاً، هو ما كان فيه النشر على غير ترتيب اللف، وهو إما أن يكون الأول من النشر للآخر من اللف، والثاني لما قبله، وهكذا على الترتيب، ويسمى معكوس الترتيب.
كقول ابن حيوس:
كيف أسلو وأنت حقف وغصن ... وغزال لحظاً وقداً وردفا