للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، قال: هَشَشْت (١) فقبَّلت وأنا صائم، فقلت: يارسول الله! صنعت اليوم أمراً عظيمًا، قبَّلْتُ وأنا صائم، قال: ((أرأيت لو مَضْمَضْتَ من الماء وأنت صائم؟)) قلت: لا بأس به، قال: ((فَمَهْ؟)) (٢) (٣).

لكن إن كان الصائم يخشى على نفسه من الإنزال بالتقبيل أو نحوه من اللمس وغيره، أو يخشى من التدرج بذلك إلى الجماع؛ لعدم قوته على كبح شهوته؛ لضعف إيمانه وضعف محبته لله تعالى، وضعف خوفه منه، أو غيرذلك، فإن التقبيل ونحوه يحرم حينئذ سدَّاً للذريعة، وصوناً لصيامه عن الفساد (٤) وعن وقوعه في معصية الله تعالى وإهلاك نفسه وإحراقها؛ ولهذا والله تعالى أعلم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - شاباً سأله عن المباشرة للصائم، وأَذِنَ لشيخٍ كبير بالقبلة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المباشرة للصائم فرخّص له، وأتاه آخر فسأله؟ فنهاه، فإذا الذي رخّص له شيخ، والذي نهاه شاب)) (٥)؛ ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصائم


(١) هششت: يقال: هش لهذا الأمر يهش هشاشة: إذا فرح به واستبشر وارتاح وخف. [النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، ٥/ ٢٦٤].
(٢) فمه: فماذا عليه، والهاء للسكت، ويجوز أن يكون مه، بمعنى اسكت، جامع الأصول، ٦/ ٣٠٠.
(٣) أبو داود، كتاب الصوم، باب القبلة للصائم، برقم ٢٣٨٥، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ٦٥.
(٤) مجالس شهر رمضان، لابن عثيمين، ص ١٦٠.
(٥) أبو داود، كتاب الصوم، كراهيته للشاب، برقم،٢٣٨٧، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ٦٥: ((حسن صحيح)).

<<  <   >  >>