للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكل شيء، كتاب واضح مبين، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، تكفّل الله بحفظه وأحكم آياته، وفصَّلها، تذكرة لمن يخشى، أحسن الحديث، ذكرٌ وقرآنٌ مبين، يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين بالأجر العظيم، ويُحذِّر الكافرين من العذاب الأليم، يهدي إلى الحق وإلى الرشد، وهو القرآن الكريم المجيد العظيم، وفي أم الكتاب عليٌّ حكيم، وما تنَزَّلت به الشياطين، وهو في لوح محفوظ، وهو مُصَدِّقٌ لما بين يديه من الكتب ومهيمن عليها، لو أنزله الله على الجبال لتصدعت من خشية الله تعالى، وهو وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،وغير ذلك من أوصاف هذا الكتاب المبارك، وهذه الأوصاف وغيرها مما لم يذكر تدل على وجوب تعظيم هذا القرآن، والتأدب عند تلاوته، والابتعاد عند قراءته عن اللعب، والغفلة (١).

الأدب الثاني: إخلاص النية لله تعالى؛ لأن تلاوة القرآن من أعظم العبادات لله - عز وجل -، وقد قال الله - عز وجل -: {فَاعْبُدِ الله مُخْلِصًا لَّهُ الدِّين} (٢)، وفي ذلك أحاديث منها الأحاديث الآتية:

١ - عن جابر - رضي الله عنه -، قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد فإذا فيه قوم يقرؤون القرآن، قال: ((اقرؤوا القرآن وابتغوا به وجه الله - عز وجل -، من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح (٣) يتعجَّلونه (٤)، ولا يتأجَّلونه)) (٥)، وفي


(١) انظر: ما تقدم في صفات القرآن العظيم في أول المبحث.
(٢) سورة الزمر، الآية: ٢.
(٣) يقيمونه إقامة القدح: أي يصلحون ألفاظه وكلماته، ويتكلفون في مراعاة مخارجه وصفاته كما يقام القدح: وهو السهم: أي يبالغون في عمل وإصلاح القراءة كمال المبالغة؛ لأجل الرياء والسمعة، والمباهاة والشهرة، [عون المعبود شرح سنن أبي داود، ٣/ ٥٩].
(٤) يتعجلونه ولا يتأجلونه: أي يتعجلون ثوابه في الدنيا فيطلبون به أجر الدنيا، ويسألون به الناس، ((ولا يتأجلونه)) بطلب الأجر في الآجل في الآخرة العُقبى، بل يؤثرون العاجلة على الآجلة، ويتواكلون ولا يتوكَّلون. [عون المعبود شرح سنن أبي داود، ٣/ ٥٩].
(٥) أحمد في المسند، ٣/ ٣٥٧، وفي المحقق، ٢٣/ ١٤٤، برقم ١٤٨٥٥.

<<  <   >  >>