للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَة} (١).

يا قوم ألا خَاطِبٌ في هذا الشهر إلى الرحمن، ألا راغب فيما أعدَّه الله للطائعين في الجنان، ألا طالب لما أخبر به من النعيم المقيم، مع أنه ليس الخبر كالعيان:

من يُرد ملك الجنان ... فليدَعْ عنه التواني

وليقُمْ في ظلمة الليل ... إلى نور القرآن

وليصِلْ صوماً بصومٍ ... إنّ هذا العيش فانِ

إنما العيش جوار الله ... في دار الأمانِ

الطبقة الثانية من الصائمين: من يصوم في الدنيا عما سوى الله، فيحفظ الرأس وما حوى، ويحفظ البطن وما وعى، ويذكر الموت والبلى، ويريد الآخرة فيترك زينة الحياة الدنيا، فهذا عيدُ فطره يوم لقاء ربه، وفرحه برؤيته (٢).

أهل الخصوص من الصّوَّام صومُهُمُ ... صون اللسان عن البهتانِ والكذبِ

والعارفون وأهل الأنس صومُهُمُ ... صون القلوب عن الأغيارِ والحُجُبِ

العارفون لا يُسلِّيهم عن رؤية مولاهم قَصْرٌ، ولا يرويهم دون مشاهدته نهرٌ، هِمَمُهُم أجلّ من ذلك.


(١) سورة الحاقة، الآية:٢٤.
(٢) انظر: لطائف المعارف لابن رجب، ص٢٩٥ - ٢٩٩.

<<  <   >  >>