للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوم النحر في زيارته، والدخول عليه إلى بيته)) (١). والله تعالى أعلم (٢).

[الثاني عشر: كتمان ليلة القدر:]

ليلة القدر ليس بشرط أن تُرى، ولكن إذا اجتهد المسلم في طلبها في جميع ليال عشر رمضان الأخيرة فقد أدركها، وحصل على الفضل الذي بيَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن إذا رآها العبد؛ فإن الأفضل أن يكتمها ولا يخبر بها، وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله نقلاً عن الحاوي: أن الحكمة من استحباب كتمان ليلة القدر: أنها كرامة، والكرامة ينبغي كتمانها بلا خلاف بين أهل الطريق من جهة رؤية النفس، فلا يأمن السلب، ومن جهة أنه لا يأمن الرياء، ومن جهة الأدب فلا يتشاغل عن الشكر لله بالنظر إليها، وذِكْرها للناس، ومن جهة أنه لا يأمن الحسد، فيوقع غيره في المحذور،


(١) زاد المعاد، ١/ ٥٥.
(٢) وقد استفاد الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى من شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله؛ فإن شيخ الإسلام اختار أن أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان الأخيرة، وليالي عشر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة؛ لوجود ليلة القدر في ليالي عشر رمضان الأخيرة، ورجح أن أفضل أيام العام يوم النحر، قال: ((وقال بعضهم يوم عرفة، والأول هو الصحيح))، ثم قال: ((يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، ويوم النحر أفضل أيام العام، وقال: ((أفضل أيام الأسبوع يوم الجمعة باتفاق العلماء))، واختار أن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليلة القدر أفضل بالنسبة إلى الأمة، فحظ النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي اختصّ به ليلة المعراج منها أكمل من حظه من ليلة القدر، وحظ الأمة من ليلة القدر أكمل من حظهم من ليلة المعراج، وإن كان لهم فيها أعظم حظ، لكن الفضل، والشرف، والرتبة العليا إنما حصلت فيها لمن أُسريَ به - صلى الله عليه وسلم -. [مجموع الفتاوى، ٢٥/ ٢٨٦ - ٢٨٩]. وانظر: كتاب الفروع لابن مفلح، ٥/ ١٢٨ - ١٣١، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن، ٥/ ٤٠٧.

<<  <   >  >>