للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الرابع: الصيام في القضاء على الفور أفضل، ولكن لا يجب، وإنما يكون أفضل؛ لأن هذا أسرع في إبراء الذمة، وأحوط؛ لأن الإنسان لا يدري ما يحدث له، كما تقدم، فإذا بادر بقضاء رمضان بعد يوم العيد يكون ذلك من المسارعة إلى الخيرات والمسابقة إليها (١)، فعلى هذا يُستحب القضاء على الفور متتابعاً ولا يجب (٢).


(١) انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، ٦/ ٤٤٦.
(٢) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في تتابع صيام القضاء على قولين:
القول الأول: يستحب التتابع في قضاء رمضان ولا يجب، وذلك لمن أفطر بعذر: من مرضٍ أو سفرٍ، أو المرأة التي حاضت أو نفست، أو غير ذلك، وبه قال ابن عباس. [قال البخاري قبل الحديث رقم ١٩٥٠:وقال ابن عباس لا بأس أن يفرق]. وأنس بن مالك، وأبو هريرة، وأبو قلابة، ومجاهد، وأهل المدينة، ومالك، وأبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وغيرهم. وهذا هو الصواب؛ لقول الله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥]. وهذا غير مقيّد بالتتابع، وكذلك فعل عائشة رضي الله عنها لما يأتي.
القول الثاني: يجب التتابع في صيام القضاء، وَذُكِرَ هذا القول عن علي، وابن عمر، والنخعي، والشعبي، وقال داود: يجب ولا يشترط، ونقل عن ابن حزم في المحلى، ٦/ ٣٩٥، واستدلوا بأدلة منها، ما جاء عن ابن عمر أنه كان يقول: ((يصوم قضاء رمضان متتابعاً من أفطره من مرض أو سفر)). [موطأ الإمام مالك]،
١/ ٣٠٤، قال عبد القادر الأرنؤوط في تحقيقه لجامع الأصول، ٦/ ٤١٥: ((إسناده صحيح))، قال الزرقاني في شرحه على الموطأ، ٢/ ٢٤٩: ((فمذهب ابن عمر وجوب تتابع القضاء، وكذ رُوي عن علي، والحسن، والشعبي، وبه قال أهل الظاهر، وذهب الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة إلى استحبابه فقط، وبه قال جمع من الصحابة، وإن كان القياس التتابع إلحاقاً لصفة القضاء بصفة الأداء وتعجيلاً لبراءة الذمة، ولكن لم يجب لإطلاق الآية [فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ])). والصواب أن التتابع على الفورية يُستحب ولا يجب؛ لما تقدم؛ ولفعل عائشة رضي الله عنها، كما سيأتي [انظر: الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، ٧/ ٤٩٥ - ٤٩٧، والكافي لابن قدامة، ٢/ ٢٥١، والمغني، ٤/ ٣٩٨ - ٤٠٣، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام، لابن الملقن، ٥/ ٢٨٥ - ٢٩٠، وشرح عمدة الأحكام لابن تيمية، ١/ ٢٦٧ - ٢٨٢، ومجالس شهر رمضان، لابن عثيمين،
ص٩٥ - ٩٧]. وشرح النووي على صحيح مسلم، ٨/ ٢٧٠. والفروع لابن مفلح، ٥/ ٦٢ - ٦٣.

<<  <   >  >>