للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سيره إلى الله تعالى، أو يضعفه، أو يعوقه، ويوقفه: اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب، ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوِّقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يضرُّه، ولا يقطعه من مصالحه العاجلة والآجلة، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيَّتُه عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره، وحبه، والإقبال عليه، في محلِّ هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصيرُ الهمُّ كلُّه به، والخطرات كلها بذكره، والتفكر في تحصيل مراضيه، وما يقرِّب منه، فيصير أُنسه بالله بدلاً من أُنْسِهِ بالخلق، فيَعِده بذلك لأُنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم)) (١).

سادساً: زمن الاعتكاف ووقته: مُدَّة الاعتكاف اللبث والمكث في المسجد مدة من الزمن بنيَّة العبادة لله هو ركن الاعتكاف (٢)، فلو لم يقع اللبث في المسجد بنية العبادة لم ينعقد الاعتكاف، وفي أقل مدة الاعتكاف خلاف بين أهل العلم، والصواب أن وقت الاعتكاف ليس لأقلِّه حدٌّ،


(١) زاد المعاد، ٢/ ٨٧.
(٢) كتاب الصيام من شرح العمدة لابن تيمية، ٢/ ٧٥١.

<<  <   >  >>