للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - حديث أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا))، وقبض كفه (١).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَضِيقُ عَلَيْهِ حَصْرًا لَهُ فِيهَا؛ لِتَشْدِيدِهِ عَلَى نَفْسه، وَحَمْلِهِ عَلَيْهَا، وَرَغْبَتِهِ عَنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَاعْتِقَادِهِ أَنَّ غَيْرَ سُنَّتِهِ أَفْضَلُ مِنْهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي الْوَعِيد الشَّدِيد فَيَكُون حَرَامًا) ثم قال: ((وَإِلَى الْكَرَاهَة مُطْلَقًا ذَهَبَ اِبْن الْعَرَبِيِّ مِنْ المَالِكِيَّةِ، فَقَالَ: ((قَوْله: لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ: إِنْ كَانَ مَعْنَاهُ الدُّعَاء فَيَا وَيْحَ مَنْ أَصَابَهُ دُعَاءُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ الْخبرَ فَيَا وَيْحَ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ لَمْ يَصُمْ، وَإِذَا لَمْ يَصُمْ شَرْعًا لَمْ يُكْتَبْ لَهُ الثَّوَابُ؛ لِوُجُوبِ صِدْقِ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ لِأَنَّهُ نَفَى عَنْهُ الصَّوْمَ، وَقَدْ نَفَى عَنْهُ الْفَضْلَ كَمَا تَقَدَّمَ)) (٢). وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول على قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا صام من صام الأبد)): هذا يحتمل أنه دعاء على من صام الأبد، ويحتمل أنه إخبار بأنه لا صوم له، وأنه ليس بصوم شرعي)) (٣).


(١) أحمد، ٣٢/ ٤٨٤، برقم ١٩٧١٣، قال محققو المسند: ((موقوف صحيح ... وهو في حكم المرفوع ... )) المسند، ٣٢/ ٤٨٤، وقال ابن حجر في الفتح، ٤/ ٢٢٢: ((أخرجه أحمد، والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان)). ثم وجدته عند ابن خزيمة، برقم ٢١٥٤، وقال الألباني في تعليقه على صحيح ابن خزيمة، ٣/ ٣١٣: ((إسناده صحيح))، ولم يذكر الوقف، فثبت عنده الرفع.
(٢) فتح الباري، لابن حجر، ٤/ ٢٢٢، وقد ذكر أقوالاً كثيرة في صيام الدهر، فراجعها هناك.
(٣) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم ١٩٧٧.

<<  <   >  >>