للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الصمت عن جميع الكلام فليس بمشروع في دين الإسلام، بل هو من عمل الجاهلية، وقد: (( ... دخل أبو بكر - رضي الله عنه - على امرأة من أَحْمَسَ يقال لها زينب بنت المهاجر فرآها لا تتكلَّم، فقال: ما لها لا تكلم؟ قالوا: حجت مُصمِتَةً، قال لها: تكلّمي؛ فإن هذا لا يحلُّ، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت ... )) (١)، وحتى لو نذر الصمت في اعتكافه لا يحل له الوفاء به؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مُرْه فليتكلم، ويستظل، وليقعد، وليتمَّ صومه)) (٢)، وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يُتم بعد احتلام ولا صُماتَ يومٍ إلى الليل)) (٣).

وكذلك لا يجوز أن يستعمل القرآن بدلاً من الكلام؛ لأنه استعمال له في غير ما هو له، كأن يرى رجلاً قد جاء في وقته فيقول: {جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} (٤) ونحو ذلك (٥).


(١) البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية، برقم ٣٨٣٤.
(٢) البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب النذر فيما لا يملك وفي معصية، برقم ٦٧٠٤.
(٣) أبو داود، كتاب الوصايا، باب ما جاء متى ينقطع اليتم، برقم ٢٨٧٣، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ٢٠٨.
(٤) سورة طه، الآية: ٤.
(٥) انظر: الشرح الكبير،٧/ ٦٣٢،وكتاب الصيام من شرح العمدة، لابن تيمية،٢/ ٧٩٦.

<<  <   >  >>