للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله تعالى: {لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا} (١). وقوله تعالى: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} أي وجّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام.

وقوله تعالى: {وَهُوَ شَهِيد} أي شاهد القلب حاضر غير غائب، واستمع كتاب الله، وشاهد القلب والفهم ليس بغافل ولا ساهٍ، وهذا إشارة إلى المانع من حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عما يقال له، والنظر فيه، وتأمله.

فإذا حصل المؤثر: وهو القرآن، والمحل القابل: وهو القلب الحي، ووجد الشرط: وهو الإصغاء، وانتفى المانع: وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر حصل الأثر، وهو: الانتفاع، والتذكر (٢).

فلا بد من تدبر القرآن، وتعقّله، والتفكر في معانيه وقد أمر الله بذلك.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((القرآن حياة القلوب، وشفاء لما في الصدور ... فبا لجملة فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر، والتفكر ... وهذا الذي يورث المحبة، والشوق، والخوف، والرجاء، والإنابة، والتوكل، والرضا، والتفويض، والشكر، والصبر، وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله. وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه فلو علم الناس ما في قراءة


(١) سورة يس، الآية: ٧٠.
(٢) انظر: الفوائد لابن القيم، ص٥، ص٦، ص١٥٦، وانظر: فوائد في تدبر القرآن، في تفسير السعدي، ٢/ ١١٢وَ ٧/ ٧٠.

<<  <   >  >>