للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن كان من بلغ صائمًا أتمَّ صومه وأجزأه ذلك اليوم عن فرض رمضان ولا شيء عليه، فكان أول النهار نفلاً، وآخره فريضة، كمن أتمّ خمس عشرة سنة بعد الزوال أو غير ذلك من العلامات الدالة على

البلوغ (١) إلا إذا كانت علامة البلوغ للأنثى: الحيض؛ فإنها لا تصوم حتى تطهر، ثم يصوم بقية الشهر وإن كان من بلغ أثناء النهار مفطراً لزمه إمساك بقية يومه؛ لأنه صار من أهل الوجوب (٢). والله أعلم (٣).


(١) انظر: المقنع والشرح الكبير والإنصاف، ٧/ ٣٥٩ - ٣٦١، ومجموع فتاوى ابن باز، ١٥/ ١٧٣،١٨٠، وتحفة الإخوان له، ص ١٦٠،١٦١.
(٢) انظر: مجالس شهر رمضان، لابن عثيمين، ص٧٤، ومجموع فتاوى ابن باز، ١٥/ ١٧٣، ١٨٠، وتحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام، له، ص١٦٠.
(٣) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في مسألة: بلوغ الصبي أثناء نهار رمضان على النحو الآتي:
أولاً: إذا بلغ وهو صائم أثناء النهار ففي هذه المسألة قولان لأهل العلم:
القول الأول: إذا نوى الصبي الصوم من الليل، فبلغ في أثناء النهار باحتلام، أو سنٍّ، فيتم صومه ولا قضاء عليه؛ لأن نية صوم رمضان حصلت ليلاً فيجزئه كالبالغ، ولا يمنع أن يكون أول الصوم نفلاً، وباقيه فرضاً، كما لوشرع في صوم يوم تطوعاً، ثم نذر إتمامه، وبهذا قال القاضي من الحنابلة، واختار هذا القول شيخنا ابن باز، والعلامة ابن عثيمين، وغيرهما. [مجموع فتاوى ابن باز، ١٥/ ١٧٣، ١٨٠، ومجالس شهر رمضان، للعثيمين، ص٧٤].
القول الثاني: أنه يمسك بقية اليوم وعليه القضاء، وهو اختيار أبي الخطاب من الحنابلة؛ لأنه عبادة بلغ في أثنائها بعد مضي بعض أركانها، فلزمته إعادتها، كالصلاة والحج إذا بلغ بعد الوقوف، وهذا؛ لأنه ببلوغه يلزمه صوم جميعه، والماضي قبل بلوغه نفل فلم يجزِ عن الفرض؛ ولهذا لو نذر صوم يوم يقدَمُ فلانٌ والناذر صائم لزمه القضاء.
فأما ما مضى من الشهر قبل بلوغه فلا قضاء عليه، وسواء كان قد صامه أو أفطره، هذا هو قول عامةِ أهل العلم، وقال الأوزاعي: يقضيه إن كان أفطره وهو مطيق لصيامه، ورُدَّ عليه: أنه زمنٌ مضى في حال صباه فلم يلزمه قضاء الصوم فيه، كما لو بلغ بعد انسلاخ رمضان.
ثانياً: إذا بلغ الصبي وهو مفطر أثناء نهار رمضان، ففي هذه المسألة ثلاثة أقوال على النحو الآتي:
القول الأول: إنه يلزمه الإمساك بقية اليوم والقضاء لهذا اليوم، وكذا الكافر إذا أسلم، والمجنون إذا أفاق، يلزمهم الإمساك والقضاء، وهذا مذهب الحنابلة وعليه أكثرهم، وهو قول أبي حنيفة، والثوري، والأوزاعي، والحسن بن صالح، والعنبري؛ لأنه معنى لو وجد قبل الفجر لأوجب الصيام فإذا طرأ أوجب الإمساك، كقيام البينة بالرؤية.
القول الثاني: لا يجب الإمساك ولا القضاء، وهو رواية في مذهب الإمام أحمد؛ لأن الفطر أبيح لهم أول النهار ظاهراً وباطناً فإذا أفطروا كان لهم استدامة الفطر، ولا يجب عليهم القضاء؛ لأنهم لم يدركوا وقتاً يمكنهم التلبس بالعبادة فيه.
القول الثالث: يلزمهم الإمساك ولا يلزم القضاء؛ لأنهم لم يدركوا وقتاً يمكنهم التلبس بالعبادة فيه، أشبه ما لو زال عذرهم بعد خروج الوقت، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((والأوجه أنه يجب عليه الإمساك دون القضاء؛ لحديث عاشوراء)). [شرح العمدة، ١/ ٥٦].واختار هذا القول العلامة ابن عثيمين، فقال: (( ... وإن كان مفطراً لزمه إمساك بقية يومه؛ لأنه صار من أهل الوجوب، ولا يلزمه قضاؤه؛ لأنه لم يكن من أهل الوجوب حين وجوب الإمساك)). [مجالس شهر رمضان، ص٧٤].
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى، ٢٥/ ١٠٩: ((فقد قيل: يمسك ويقضي، وقيل: لا يجب واحد منهما، وقيل: يجب الإمساك دون القضاء)). واختار الإمساك بدون القضاء، وقال فيه: إنه (( ... أصح الأقوال الثلاثة)). [مجموع الفتاوى، ٢٥/ ١٠٩].
[انظر: التفصيل في ذلك كله: المقنع والشرح الكبير والإنصاف، ٧/ ٣٥٤ - ٣٦٢، والمغني لابن قدامة، ٤/ ٤١٢ - ٤١٥، والكافي لابن قدامة، ٢/ ٢٢٠ - ٢٢١، ومجموع فتاوى ابن باز،
١٥/ ١٧٣، ١٨٠، وتحفة الإخوان له، ص١٦٠ - ١٦١، ومجالس شهر رمضان، لابن عثيمين، ص ٧٠ - ٧٥، والشرح الممتع له، ٦/ ٣٣٢، ومجموع الفتاوى لابن عثيمين، ١٩/ ٧٧ - ٧٩، ونيل الأوطار للشوكاني، ٣/ ١٢٤ - ١٢٥، وشرح العمدة لابن تيمية، ١/ ٤٧، و٤٨، و٥٢، ٥٣، و٥٦، وكتاب الفروع لابن مفلح المقدسي ومعه تصحيح الفروع، ٤/ ٤٢٩ - ٤٣١].

<<  <   >  >>