(ولم يطالِبْ) ربُّ الحق (الضامنَ قبل مضيِّهِ) أي الأجل المعلومِ، قال الإِمامُ أحمدُ في رجلٍ ضَمِنَ ما على فلانٍ أن يؤدِّيَه حقه في ثلاث سنين: فهو عليه، ويؤديهِ كما ضَمِنَ.
فإن قيل: عندكم الحالُّ لا يؤجَّل، فكيف يؤجَّل على الضامن؟ أم كيف يثبتُ في ذمة الضامِنِ على غيرِ الوصفِ الذي يتصف به في ذمة المضمون عنه؟ فالجواب: أن الحق يتأجّل في ابتداءِ ثبوتِهِ إذا كان ثبوتُهُ بعقدٍ، ولم يكن على الضامِنِ حالًّا ثم تأجَّل، ويجوز تَخَالُفُ ما في الذمّتين، بدليلِ ما لو ماتَ المضمونُ عنه والدينُ مؤجَّلٌ.
إذا ثبتَ هذا، وكان الدينُ مؤجَّلاً إلى شهرٍ فضمنه إلى شهرين، لم يطالَبْ إلى مضيِّهما.
(ويصحّ ضمانُ عُهْدَةِ الثَّمَنِ والمُثْمَنِ) إن ظهر به عيبٌ أو خَرَج مستحقًا، (والمقبوضِ على وجهِ السَّوْمِ) وذلك أن يساوِمَ إنساناً على عينٍ، ويقْطعَ ثمنَها، أو أجْرَتَها، أو لم يقطعه، ثم يأخذَها ليريَها أهلَهُ، إن رَضُوا أخذها وإلاَّ ردّها، فيصح ضمانُهُ لأنه مضمونٌ مطلقاً.
وإن أخذ إنسان شيئاً بإذن ربّه ليريَهُ أهلَهُ فإن رضُوا به أخذه وإلاَّ رَدَّهُ من غير مساومةٍ ولا قطعِ ثمنٍ فلا يَضْمَنُهُ إذا تلف بغير تعدٍّ ولا تفريطٍ، ولا يصح ضمانُهُ، بل يصحّ ضمانُ التعدي فيه.
(و) يصح ضمانُ (العينِ المضمونةِ كالغصب والعارية) لأنها مضمونةٌ على من هي في يدهِ، كالحقوقِ الثابتةِ في الذمّةِ، وضمانُها في الحقيقة ضمانُ استنقاذِهَا وردِّها، أو قيمَتِها، عند تلفِها، فهي كَعُهْدَة المبيع.
ولا يصح ضمانُ غير المضمونةِ، كالوديعةِ ونحوها) كالعينِ المؤجَرَةِ، ومالِ الشركةِ، والمضاربةِ، والعينِ المدفوعةِ إلى الخيّاطِ، أو