الدراهمَ) المودعَةَ (لينفقها، أو لينظُرُ إليها، ثم ردّها) إلى وعائها ولو بنيّةِ الأمانة، أو كَسَرَ خَتْمَها، (أو حلَّ كيسَها فقط) أي من غير إخراجٍ لها، (حرُمَ عليه) ذلك (وصار ضامناً، ووجب عليه ردُّها فوراً، ولا تعودُ أمانَةٌ بغير عقدٍ متجدَّدٍ). قال ابن رجب في القاعدة الخامسة والأربعين:"إذا تعدَّى في الوديعةِ بطلتْ، ولم يجزْ له الإمساكُ ووجب الرد على الفورِ". ولأنّها أمانةٌ محصنةٌ، وقد زالتْ بالتعدِّي، فلا تعودُ بدون عقدٍ متجدّدٍ.
(وصحّ) قول المالكِ للمودَعِ: (كلّما خُنْتَ ثم عُدْتَ إلى الأمانة فأنت أمين.)
[فصل]
(والمودَعُ أمينٌ) لأنّ الله تعالى سماها أمانةً بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}(لا يضمن إلا إن تعدَّى أو فرَّطَ أو خانَ) في الوديعة.
(ويُقْبَلُ قوله) أي المودع (بيمينهِ في عدم ذلك) أي عدمِ التعدي والتفريطِ والخيانةِ.
(و) يقبل قوله بيمينه (في أنها تلفت، أو أنكَ أذنْتَ لي في دفعها لفلانٍ وفَعَلْتُ) أي ودفعتُها إليه، مع إنكار المالك الإِذن في دفعها. نصَّ عليه أحمد. وهو من المفردات. ووجهُ ذلك أنه ادّعى دفعاً يبرأُ به من الوديعة، فكان القولُ قولَه فيه، كما لو ادعى ردَّها على مالكها.
(وإن ادّعى الردَّ بعد مَطْلِهِ) أي تأخير دفعها إلى مستحِقِّها (بلا عذرٍ، أو ادّعى ورثتُهُ) أي ورثةُ المودَع (الردّ) ولو لمالكٍ (لم يقبلْ إلا ببيّنةٍ) أمّا كون ورثة المودَع لا يقبلُ قولُهُمْ في الدفع إلى المالِكِ ولا إلى غيرِه إلا ببيّنةٍ فلأنهم غير مؤتمنين عليها من قبل مالِكِها.