والمخاصمةَ فيه، بدليلِ ما لو وَكَّله في قبضِ دينِهِ، ويحيلَ ويحتالَ، ويردَّ بعيبٍ للحظّ، ولو رضي شريكُهُ به، ويُقِرَّ به، ويقابلَ، وُيؤْجِرَ ويستأجر، (ويفَعلَ كل ما فيه حظٌّ للشركة) كحبسِ غريمٍ ولو أبى الآخر، ويودِعَ لحاجةٍ، ويسافرَ مع أمنٍ.
فصل [في شركة المضاربة]
(الثاني) من الأنواع الخمسة: (المضاربةُ) وهذه تسميةُ أهلِ العِراقِ، مأخوذةٌ من الضّرب في الأرض، وهو السفر فيها للتجارة.
وأهل الحجاز يسمونها قِرَاضاً، مأخوذة من قَرَضَ الفأرُ الثوبَ، إذا قطعه، فكأنّ رب المال قَطَع للعامل من مالِهِ قطعة وسلّمها إليه.
(وهي) شرعاً (أن يدفع) إنسانٌ (من ماله إلى إنسانٍ آخر) شيئاً، أو يكونَ له تحت يده على سبيلِ الوديعةِ أو الغصبِ مالٌ، ويأذنَ له (ليتّجِرَ فيه، ويكونَ الربحُ بينهما بحسَبِ ما يتفقان) عليه.
(وشروطها) أي المضاربة (ثلاثة):
(أحدها: أن يكون رأسُ المالِ من النقدين) الذَّهب والفضة (المضروبين)، فلا تصحُّ شركةٌ ولا مضاربةٌ بِنُقْرَةٍ، وهي الفضّة التي لم تُضْرَبْ، ولا بمغشوشةٍ غشًّا كثيراً، ولا بفلوسٍ ولو نافقةً.
(الثاني: أن يكون) رأس المال (معيناً،) فلا يصحّ أن يقول: ضارِبْ بما في أَحدِ هذين الكيسين، سواءٌ تساوى ما فيهما أو اختلف، وسواءٌ عَلِما ما فيهما أو جهلاه، لأنها عقدٌ تمنع صحَّتَهُ الجهالةُ، فلم تَجُزْ على غيرِ معيّن، كالبيع، (معلوماً) قدرُه، فلا يصحُّ أن يقول: ضاربْ بهذِهِ الصُّبْرَهِ من الدنانير والدراهم، لأنه لا بدّ من الرجوعِ إلى