لمن وَثقَ من نفسِهِ الأمانَةَ والقُدْرَةَ على تعريفها) ولا فرق في ذلك بين الإِمام وغيره.
(والأفضلُ) للِإنسانِ (مَعَ ذلك) أي مع الأمانة والقدرة على تعريفها (تركُها) ولو وجَدَهَا بِمَضْيَعَةٍ، لأن في الالتقاط تعريضاً لِنفسِهِ لأكل الحرام، وتضييعِ الواجبِ من تعريفِها وأداءِ الأمانة فيها، فكان تركُ ذلكَ أولى وأَسْلَمَ، كوِلَايَةِ مالِ اليتيم (١).
(فإن أخذها) أي اللقطةَ الملتقِطُ (ثم ردّها إلى موضِعِها) فتلفتْ (ضَمِنَ) فرط أو لم يفرّط، إلا أن يكون ردها إلى موضِعِها بإذن الإِمام أو نائِبِه، فلا يضمنها.
[فصل]
(وهذا القسم الأخيرُ) من أقسامِ اللَّقَطَةِ المتقدمِ ذكرُها (ثلاثةُ أنواعٍ): (أحدها: ما التقطه من حيوانٍ) مأكول كالفصيلِ والشاةِ والدجاجةِ، (فليزمه) أي الملتقطَ (خيرُ ثلاثة أمورٍ: أكلُهُ بقيمتِهِ) في الحالِ، والأصل في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لما سُئِلَ عن الشاة فقال:"خذها فإنما هيَ لَكَ أو لأخيكَ أو للذَئب" فَجَعَلها له في الحال، لأنه سوّى بينه وبين الذئب، والذئب لا يستأني بأكلها، ولأن في أكلِ الحيوان إغناءً من الإِنفاق عليه، وحِرَاسةً لماليّتِهِ على صاحِبِه، فإنه إذا جاء يأخذ قيمته بكمالها، (أو
(١) وفي المذهب قول آخر، فقد ذهب أبو الخطّاب إلى أنه إذا وجدها بمضيعةٍ وأمن نفسه عليها فالأفضل أخذها. وهذا قول الشافعي. وله قول آخر: يجب أخذها (المغني ٥/ ٦٣١) قلت: هذا أولى، كولاية مال اليتيم. فإن ترك مال اليتيم بدون ولاية إضاعة له، وقد ورد في كافل اليتيم ما ورد من الفضل.