المكاتب، يُتبع بها بعد عتقه. أما كونه يملِكُ منافعَه وأكْسابَهُ فلأنّ عقد الكتابة موضوعٌ لتحصيل العتق، ولا يحصُل إلا بأداءِ عوضه، ولا يمكنه الأداء إلا بالتكسب، والبيعُ والشراءُ من أقوى جهات الاكتساب، فإنه قد جاء في بعض الآثار أن "تسعة أعشار الرزق في التجارة"(١) وأما كونه يملك الاستدانة فلأنه لما ملك الشراء بالنقدِ مَلَكَهُ بالنسيئة، أي بالدَّين (و) ملك (النفقةَ على نفسِهِ و) على (مملوكِهِ) من كسبه. فإن عجز المكاتب عن أداء مال الكتابة، وعن نفقة من ذُكِر، ولم يفسخ سيدُه كتابَتَهُ لعجزه. لزمت السيدَ النفقةُ على من ذُكِرَ، لأنهم كلهم في الحكم أرقاءُ للسيّد.
وليس للمكاتب النفقةُ على ولدِهِ من أمةٍ لغير سيده.
(لكن مِلْكُه) أي المكاتَب (غيرُ تامٍّ. فـ) يتفرع على ذلك أنه (لا يملك أن يكفِّرَ بمالٍ) إلاَّ بإذن سيده، لأنه في حكم المُعْسِرِ، بدليلِ أنه لا يلزمه زكاةٌ ولا نفقةٌ، ويباح له أخذُ الزكاةِ لحاجة، (أو يسافِرَ لجهادٍ) لتفويتِ حق سيده، (أو يتزوجَ) يعني أنه ليس للمكاتب أن يتزوَّجَ إلا بإذنَ سيِّده لأنه عبدٌ، (أو يتسرَّى) يعني أنه ليس للمكاتب، أن يتسرّى إلا بإذن سيده (أو يتبرع) إلا بإذن سيّده، لأن ذلك إتلافٌ للمال باختياره، فمُنِعَ منه، لتعلُّق حق السيد به، (أو يُقرِضَ) إلا بإذن سيده، لأنه ربّما أفلسَ المقترِضُ، أو مات ولم يترك شيئاً، أو هَرَبَ ولم يرجع، (أو يحابيَ) إلا بإذن سيده، لأن المحاباة في معنى التبرّع، (أو يَرْهَنَ، أو يُضَارِبَ، أو يبيع مؤجَّلاً) ولو برهنٍ، أو يهبَ ولو بعوضٍ، (أو يزوِّجَ
(١) حديث "تسعة أعشار الرزق في التجارة والعشر في المواشي" رواه سعيد بن منصور من حديث نعيم بن عبد الرحمن الأزدي ويحيى بن جابر الطائي مرسلاً. فهو حديث ضعيف (ضعيف الجامع الصغير).