للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فإن فُسِخَ) النكاحُ (قبل الدخول فلا مهرَ) عليه، سواءٌ كانَ الفسخُ من الرَّجُلِ، أو من المرأةِ لأنّ الفسخَ إذا كانَ منها فالفرقة من جهتها، فيسقُطُ مهرُها، كما لو فسخَتْ نكاحها برضاعِ زوجةٍ له أخرى. وإن كان منْه فإنما فسخ بعيبٍ بها دلَّسَتْهُ بالإِخفاءِ، فصارَ الفسْخُ كأنّه منها.

فإن قيل: فهلا جعلتمْ فسخَها لعُنَّتِهِ كأنّه منه، لحصولهِ بتدليسِهِ؟ قلنا: العوضُ من الزوجِ في مقابَلةِ منافِعِها، فإذا اختارت فسخَ العقدِ مع سلامةِ ما عُقِد عليه، رجَعَ العِوَضُ إلى العاقِدِ مَعَها، وليس من جهتها عوضٌ في مقابَلَةِ منافعِ الزوج. وإنما ثبت لها الخيارُ لأجْلِ ضررٍ يلحقها، لا لتعذُّر ما استحقَّتْ عليهِ في مقابَلَتِهِ عوضاً، فافترقا.

(وبعدَ الدُّخولِ أو الخلوةِ يستقرّ المسمَّى) في العقدِ، كما لو طرأ العيبُ، لأنَّه يجب بالعقد، ويستقرُّ بالدخول، فلم يسقُطْ بحادثٍ بعده. ولذلك لا يسقط بِرِدَّتِها.

(ويرجعُ) الزوجُ (به) أي بنظير المسمَّى الذي وجب عليه (على المُغِرِّ) (١) وهو من عَلِمَ بالعيب وكتمَه، من زوجةٍ عاقلةٍ، ووليّ، ووكيلٍ. وذلك لأنه غرَّه في النكاحِ بمَا يُثبِت الخيارَ، فكان المهرُ عليه، كما لو غرَّه بحرّيةِ أمةٍ.

وإذا ثبت ذلك فإن كان الوليُّ عَلِمَ غَرِمَ، وإن لم يكنْ علمَ فالتغريرُ من المرأةِ، فيرجع عليها بجميعِ الصداق (٢).


(١) كذا في الأصول وشرح المنتهى، وصوابه "الغار" لأنه يقال "غَرَّه" ولا يقال "أغرّه". وقد يقال أيضاً "غَرَّرَ به" والمصدر "التغرير" وعليه فيجوز أن يقال في الفاعل "المغرِّر".
(٢) وذكر أن في المذهب رواية أخرى: لا رجوع بالمهر بعد الإصابة. وهو قول أبي حنيفة والشافعي في قوله الجديد.
وقال القاضي: إن كان ممن يجوز له أن يراها كالأب والجدّ: يغرم، علم أو لم يعلم، لأن التغرير من جهته. وإن كان لا يجوز أن يراها، كابن العم، ولم ثبت إقراره بالعلم، فالقول قوله. =

<<  <  ج: ص:  >  >>