للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويستحب) لمن دعي إذا حضر الطعامَ (أكلُه) لأنه أبلغُ في إكرام الداعي وجبرِ قلبه، وإن أحبّ دَعَا وانصرفَ، (ولو) كان (صائماً) تطوّعاً، إن كان في تركِ الأكلِ كسْرُ قلب الداعي. وإن لم يكن في ترك الأكل كسرُ قلب الداعى كان إتمامُ الصومِ أولى من الفطر، (لا) إن كان صائماً (صوماً وَاجباً) فلا يفطر، لقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أعْمَالَكُمْ} ولأن الفطرَ محرّم والأكلَ غيرُ واجبٍ.

(وينوي) الآكل (بأكلِهِ وشُرْبهِ التقوى على الطاعة) لتنقلب العادةُ عبادةً.

(ويحرم الأكل) من غيره (بلا إذنٍ صريحٍ أو قرينةٍ) تدلُّ على الإذن، حتى (ولو) كان أكلُه (من بيت قريبه أو صديقِه) حتّى ولو لم يحرزْهُ عنْهُ. قال في الآدابِ الكبرى (١): يباحُ الأكلُ من بيت القريب والصديقِ من مالٍ غيرِ محرَزٍ عنْهُ إذا عَلِمَ أو ظنَّ رضَا صاحِبِه بذلك (٢). (والدعاءُ إلى الوليمةِ وتقديمُ الطعام إذنٌ في الأكل) لما روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال. "إذا دُعيَ أحدكم إلى طعام، فجاءَ مَعَ الرسولِ، فذلكَ إذنٌ" (٣) رواه الإِمام أحمد وأبو داود. وقال عبد الله بن مسعود: إذا دعيت فقد أُذِنَ لك. رواه الإِمام أحمد بإسناده.

وليس الدعاء إذناً في الدخول. وفي الغُنْية: لا يُحتاجُ بعد تقديمِ الطعامِ إلى إذن إذا جَرَتْ العادةُ في ذلك البلد بالأكل بذلك، فيكون العرفُ إذناً. انتهى.


(١) لعله يقصد "الآداب الشرعية" لابن مفلح. وهو مطبوع بدار المنار بالقاهرة.
(٢) هذا أوسع مما في المتن، إذ قد يعلم أو يظنُّ الرضا، دون الإذن. وكلام "الآداب" أقرب لظاهر القرآن، لقوله تعالى {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ .... إلى قوله: أَوْ صَدِيقِكُمْ}.
(٣) حديث "إذا دعي أحدكم .. " حديث صحيح. رواه أحمد وأبو داود والبخاري في الأدب المفرد (الإرواء ح ١٩٥٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>