للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ينقطع الإمكان عن الاجتماع بحيض، (حتى ولو كان) الزوجُ (ابن عشر) سنينَ (لحقه نسبه) على الأصحّ، لقول النبى - صلى الله عليه وسلم -: "الوَلَدُ للفِرَاشِ" (١) ولأن مع ذلك يمكنُ كونُه منه. وقدرناه بعشر سنين فما زادَ لقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "واضرِبوهُمْ عليها لِعشْرٍ وفَرِّقوا بَيْنَهُم في المضاجِع" (٢) ولأن تمام عشر سنينَ زمنٌ يمكنُ فيه البلوغُ، فيلحق فيه الولدُ، كالبالغ. وقد روي أن عمرو بن العاص، وابنه، لم يكن بينهما إلا اثنا عشر (٣) عاماً. وأمرُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالتفريق بينهم في المضاجع دليل على إمكان الوطء الذي هو سبب الولادة.

(ومع هذا) أي مع لحوق النسب به (لا يُحْكَمُ ببلوغه) لأن الحكم ببلوغِهِ يستدعي يقيناً، لترتُّب الأحكام عليه، من التكاليف، ووجوب الغرامات، فلا يحكم به معَ الشك. وإنما ألحقنا الولدَ بهِ حِفظاً للنسبِ واحتياطاً.

(ولا يلزمه) أي بإلحاقنا به النسبَ (كلُّ المهر) لأن الأصلَ براءَةُ


(١) حديث "الولد للفراش ... " رواه أحمد والشيخان وأبو داود والنَّسائي وابن ماجه. وتمامه عندهم "عن عائشة رضي الله عنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقّاص وعبد بن زمعة في غلام. فقال سعد: يا رسول الله! هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقّاص، عَهِد أليّ أنه ابنه، انظر إلى شَبَههِ. وقال عَبْدُ بن زَمْعَة: هذا أخي يا رسول الله، وُلِدَ علىَ فراش أبي من وَلِيدتِهِ. فنظرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى شَبَهاً بيِّناً بعتبَة. فقال: هُوَ لكَ يا عبدُ بن زمَعة. الولد للفراش وللعاهر الحَجر. واحتجبي منه يا سَوْدة. فلَمْ يرَ سودة قطّ.".
(٢) حديث "مروا أولادكم بالصلاة، وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع، رواه أبو داود والحاكم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيهِ عن جده مرفوعاً (المقاصد الحسنة) وفي (الإرواء ح ٢١٠٩): وهو صحيح.
(٣) مفهومه أنها إن أتت بولد لأربع سنين فأقل منذ أبانهَا، أنه يلحقه، وهذا مقيّد بكونها لم يثبت أنها أتمت عدتها بالحيض. فإن كانت أقرّتْ بانتهاء عدتها بالأقراء لم يلحقه ولدها (المغني ٧/ ٤٧٩) قلت: ومن هنا ينبغي للمطلِّق أن يطلب الإِشهاد على مطلّقته بإقرارها بانقضاء عدتها بالأقراء قبل خروجها من بيته، عملاً بقول الله تعالى {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وإن هذا تأويلها وإن كان الناس عنها غافلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>