على) أخذِ ذلك من (مالِهِ فلها الأخذ منه بلا إذنه، بقدر كفايتها وكفايةِ ولدها الصغير) لقوله - صلى الله عليه وسلم - لهند بنت عتبة حين قالتْ له:"إنَّ أبا سفيانَ رجلٌ شحيحٌ، وليس يعطيني من النفقةِ ما يكفيني وولدي قال: "خذي ما يكفيكِ، ووَلَدَكِ بالمعروف" (١) فهذا إذن لها منه - صلى الله عليه وسلم - في الأخذ من ماله بغير إذنه، وردٌّ لها إلى اجتهادها في قدر كفايتها وكفاية ولدها .. وهو متناوِلٌ لأخذِ تمام الكفاية. فإنَّ ظاهر الحديث دلَّ على أنه كان يعطيها بعض الكفاية ولا يتمُّها لها، فرخّص النبي - صلى الله عليه وسلم - في أخذِ تمام الكفاية بغير علمه؛ ولأن النفقة تتجدَّدُ بتجدُّدِ الزمان شيئاً فشيئاً، فتشقُّ المرافعة بها إلى الحاكم، والمطالبة بها في كل يوم، فلذلك رخّص لها في أخذها بغير إذن من هي عليه؛ ولأنه موضع حاجةٍ، فإن النفقة لا غناء عنها ولا قَوَامَ إلا بها، فإذا لم يدفعها الزوج ولم تأخذها أفضى ذلك إلى ضياعها وهلاكها، فرُخِّص لها في أخذ قدر نففتها ونفقة عائلتها دفعاً لحاجتها.
(١) حديث صحيح رواه الشافعي والبخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم عن عائشة ونصّه "أن هند بنتَ عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذتُ منه وهو لا يعلم. فقال: خذي من ماله ما يكفيكِ وولدَك بالمعروف".