للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي الأصل، ففيما دونها أولى، ولا في شبه العمْد. والآية مخصوصة بالخطأ فكذلك شبه العمد.

(الثاني) من شروط وجوب القصاص فيما دون النفس: (إمكانُ الاستيفاءِ) أي استيفاء القصاص فيما دون النفس (بلا حَيْفٍ). وذلك (بأن يكون القطع من مفصل، أو ينتهي إلى حدٍّ، كمارِنِ الأنف، وهو ما لان منه) أي من الأنف، دون القصبة، لأن ذلك حدٌّ ينتهى إليه، فهو كاليد يجب القصاص فيما انتهى إلى الكُوعِ.

إذا علمت ذلك (فلا قصاص في جائفةٍ) وهي الجرح الواصل إلى باطن الجوف، (ولا في قطع القَصَبَة) أي قَصَبةِ الأنف، ولا في كسر عظمٍ غير سنٍّ وضرس، (أو) قطع (بعض ساعِدٍ، أو) قطع بعض (عَضُدٍ، أو ساقٍ، أو) بعض (وَرِكٍ) لأنه لا يمكن استيفاءٌ من ذلك بلا حيف، فإنه ربما يأخُذُ أكثر من الغاية (١)، أو يسري إلى عضو آخر، أو إلى النفس، فلم يجز (٢)، لأن الواجب الأخذ بقدر المُتْلَف، لا أكثر منه. فإذا أفضى الاستيفاء إلى الحيف مُنِع منه لتعذّره.

ولو قطع يده من الكُوعِ، ثم تأكّلت إلى نصف الذراع، فلا قود له


(١) لكن لو شاء المجني عليه أن يقطع من المفصل الأبعد عن البدن، فله ذلك في أحد الوجهين، كمن قطعت يده من منتصف الساعد، فله القطع من الكوع؛ ومن قطعت رجله من الفخذ، فله الأخذ من مفصل الركبة، وهو مذهب الشافعي. وهل له حكومة فيما زاد؟ فيه وجهان. (المغني ٧/ ٧٠٨)
(٢) في تعليله بخشية السراية نظر، فإن السراية لا تؤمن في أيّ جرحٍ، اللهم إلا أن يقال: خشية السراية في انقطع من المفصل أقل.
ثم ينظر في أن الوسائل الطبية الحديثة قادرة على الأخذ من العظم مع أمن الحيف مطلقاً والسراية غالباً، فهل يختلف الحكم في هذا العصر، بحيث يجوز الاستيفاء من غير مفصل؟ الظاهر: نعم، لأنهم فرّعوا بحسب زمانهم، والحكم الشرعي جواز الاستيفاء إن أمن الحيف. وقد أُمِن.

<<  <  ج: ص:  >  >>