وأما العقل فلأنّ المجنون لا يُعيَّر بالزنا، لعدم تكليفه. وغيرُ العاقل لا يلحقُه شي بإضافة الزنا إليه، لكونه غيرَ مكلّف.
وأما العفة عن الزنا فلأن غيرَ العفيفِ لا يشينه القذف، والحدُّ إنما وجَبَ لأجل ذلك. وقد أسقط الله تبارك وتعالى الحد عن القاذف إذا كان له بينة بما قال.
وأما كونُه يجامِعُ مثلُه، فلأن مَنْ دونَهُ لا يعيّر بالقذف، لتحقّق كذب القاذف.
ولا يشترَطُ في المحصَنِ العدالةُ، فلو كان فاسقاً لشربه الخمر، أو لبدعةٍ، ولم يُعْرَفْ بالزنا، وجب الحد على قاذفه.
(لكن لا يحدّ قاذف غير البالغ حتى يبلُغَ) ويطالِبَ به بعد بلوغه، (لأن الحقّ في حد القذف للآدميّ) أي المقذوف (فلا يقام بلا طلبه) أي طلب المقذوف، ولأنّ مطالبته قبل البلوغ لا توجب الحدّ لعدم اعتبار كلامه، وليس لوليه المطالبةُ عنهُ لأنه حقٌّ شرعيٌّ ثَبَتَ للتشفّي، فلم يقم غيره مقامه في استيفائه، كالقصاص، فإذا بلَغَ وطَلَبَ أُقيمَ حينئذٍ.
(ومن قَذَفَ غيرَ محصنٍ عُزِّر) والمحصن هو الذي اجتمعت فيه الشروط الخمسة المتقدمة.
(ويثبت الحدّ هنا) أي في القذف، (وفي الشرب، وفي التعزير بأحد أمرين: إما بإقراره مرةً، أو شهادةِ) رجلَيْنِ (عدلين.)