(و) تلزمه أيضاً إزالة (مَا يَدّعونَهُ من المظالم) لأنّ ذلك واجب مع عدم إفضاء الأمر به إلى القتلِ والهرْجِ، فلأن يجب في حالٍ يؤدّي إلى ذلك بطريق الأوْلى. وذلك لأن الله تعالى أمر بالإِصلاح أوَّلاً في قوله تعالى:{فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} والإِصلاح إنما يكون بمراسلتهم، وكشْف شبههم، وإزالة ما يدّعونه من مظلمة.
(فإن رجعوا) عما هم فيه من البغي وطلب القتال (وإلا لَزِمَهُ) أي الإمام إن كان قادراً (قتالُهمِ) لقوله تعالى: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}.
(ويجب على رعيّته معاوَنَتُهُ) على قتالهم (١)، لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}.
(وإذا ترك البغاةُ القتالَ حرم قتلُهُمْ) لقول عليٍّ رضي الله عنه: "ومن ألقى السلاح فهو آمن".
(و) يحرم أيضاً (قتل مدبرهم، و) قتل (جريحهم).
(ولا يُغْنَمُ مالهم) لأن أموالهم كأموال غيرهم من المسلمين.
(ولا تسبى دراريهم).
(ويجب ردّ ذلك إليهم) فمن وَجَدَ ماله بيد غيره من أهل العدل أو البغي أخذه منهم.
ومن أُسِرَ منهم ولو كان صبيًّا أو أنثى حُبِسَ حتى تنكسر شوكتهم، وتنقضي حربُهُمْ، لأن في إطلاقهم قبل ذلك ضرراً على أهل العدل.
(ولا يَضْمنُ البغاة ما أتلفوه) على أهل العدل (حال الحرب) على الأصحّ، كما أنه لا ضمان على أهل العدل فيما أتلفوه على أهل البغي.
(١) إما إن كانوا يدّعون حقاً أو يطلبون كشف مظلمة فلم يفعل لم تجز معاونته عليهم.