للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يمكنه أن يتولّى الخصومات والنظر فيها في جميع البلدان، والخصوماتُ بين الناس تكثر، فوجب أن يرتَّب في كل إقليم من يتولّى فصل الخصومات لئلا يتوقف ذلك على السفر إلى الإِمام، فتضيع الحقوق في السفر إلى الإِمام من المشقة وكلفة النفقة.

(و) يجب على الإِمام أيضاً أن (يختار لذلك) أي لنصب القضاء (أفضلَ من يجدُ علماً وورعاً) أي في العلم والورع، لأن الإِمام ناظرٌ للمسلمين، فيجب عليه اختيار الأصلح لهم، فيختار أفضلَهُمْ علماً، لأنه إنما يمكنه القضاء بين المترافعين مع العِلْم، لأن القضاء بالشيء فرع العلم به. والأفضل أولى من المفضول، لأنه أثبت وأمكن. وكذا كلّما كان ورعه أكثر كان سكون النفس فيما يحكم به أعظم، وكان من ترك التحرّي، والميلِ في جانب، أبعد.

(ويأمره) عند ولايته (بالتقوى) لأنها رأس الدين.

(و) يأمره أيضاً بـ (تحرّي العدل) وهو إعطاء الحق لمستحقه من غير ميل، وهذا هو المقصود من القضاءِ.

ويأمره أن يستخلف في كل ناحية من نواحي عمله أفضل من يجد لهم.

(وتصحّ ولايةُ القضاءِ، والإِمارةُ) كأميرِ جهادٍ ووكيل بيت المال (منجزةً) كوليتُك الحكمَ الآن (ومعلَّقةً) بشرط، كإن مات فلانٌ القاضي فقد وليت فلاناً عِوَضَهُ، وإن مات أميرُ جيشِ كذا ففلانٌ عوضه، فمات تعيّن المولّى باسمه موضعَهُ.

(وشرط لصحة التوليةِ كونُها من إمامٍ، أو نائبه فيه) أي القضاء،


= من تعليله وجوب نصب القضاة في الأقاليم بضياع الحقوق بمشقة السفر، ما يدلك على هذا. وإنما أُتيَ الشارح من قول أهل البلدان إن الأقاليم سبعة ومرادهم المناطق المناخية.

<<  <  ج: ص:  >  >>