والعاقل من عرفَ الواجبَ عقلاً الضروريّ وغيره، والممكن، والممتنع، كوجودِ الباري سبحانه وتعالى، وكونَ الجسم الواحد ليس في مكانين، واستِحَالة اجتماعِ الضدّين، وكونَ الواحد أقل من الاثنين، وعرف ما ينفعه وما يضره غالباً.
(فلا شهادةَ) مقبولة (لمعتوهٍ ومجنونٍ) إلا من يُخْنَقُ أحياناً إذا شهد في إفاقته.
(الثالث: النطق)، أي كونُ الشاهِدِ متكلِّماً. وقال مالك والشافعي وابن المنذر: تقبل الشهادة من الأخرس إذا فُهِمَتْ إشارته، لقيام الإِشارة منه مقام نطقه في أحكامِهِ من طلاقِهِ ونكاحِهِ وغيرهما.
(فلا شهادةَ) مقبولةٌ (لأخرس) نص على ذلك أحمد رضي الله تعالى عنه (إلا إذا أدَّاها) الأخرس (بخطِّه) في الأصح. واختاره في المحرَّر (١). قال في الإِنصاف: قلت: وهو الصواب.
(الرابع: الحفظ) لأن من لا يحفظُ لا تحصل الثقةُ بقوله، ولا يغلِب على الظن صدقُه، لاحتمال أن تكون من غَلَطِهِ.
إذا تقرر هذا (فلا شهادة) مقبولةٌ (لمغفَّلٍ، و) لا (معروفٍ بكثرة غلطٍ وسهو).
وعلم مما تقدّم أنها تقبل ممن يَقِلُّ منه الغلط والسهو، لأن ذلك لا يسلم منه أحد.
(الخامس: الإِسلام، فلا شهادة) مقبولةٌ (لكافر، ولو) كانت شهادته (على مثله) إلّا رجالَ أهل الكتاب بالوصية في السفر، ممن حضره الموت، من مسلمٍ وكافرٍ عند عدمِ مسلمٍ، فتقبل شهادتهم في هذه
(١) في (ف). "المجرّد". وهو للقاضي أبي يعلى. أما "المحرّر" فهو لمجد الدين ابن تيمية.