للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الرواية الثانية الصحيحة زيادة تفصيل وهو أن عمر رضي الله عنه أوصى الستة الذين رشحهم للخلافة بعده أن يتقي الله كل منهم إن اختاره المسلمون خليفة لهم ولا يحملون قرابته على رقاب الناس، وحذّرهم من الانشقاق، وأمرهم بضرب عنق من يريد أن يشقّ عصا المسلمين ويبايع بالخلافة من لم يبايعوه، أو من يتأمر من غير مشورة منهم كائناً من كان هذا الخارج والمنشق. وهذا هو الذي تدلّ عليه الرواية الثالثة.

أما الروايتان الأخيرتان، فإنهما لم تثبتا، ويبعد أن يأمر عمر رضي الله عنه الستة بمبايعة من بايعه عبد الرحمن بن عوف وهو قد جعل الأمر للمسلمين يختارون أحد الستة.

وكذلك يستحيل أن يأمر عمر رضي الله عنه الأنصار بإمهال هؤلاء النفر الستة وهم من خيرة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ليختاروا أحدهم، فإن فعلوا وإلا ضربوا أعناقهم، وكيف يكون حال المسلمين بعد ضرب أعناق جميع من هم أهل للخلافة من التفرق والخلاف والشقاق والفتنة. والله أعلم.

ثم أوصى عمر رضي الله عنه ابنه عبد الله بسداد دينه، فقال: يا عبد الله بن عمر، انظر ما علي من الدين، فحسبوه، فوجدوه، ستة وثمانين ألفاً أو نحوه (١)، فقال عمر رضي الله عنه: إن وفى مال آل عمر فأده من


(١) وفي رواية عند البيهقي / السنن الكبرى ٦/ ٢٨٦، أن دين عمر رضي الله عنه كان ثمانين ألفاً. وفي إسناده أحمد بن محمد بن عبد وس، قال الحاكم: كان صدوقاً، وقال الذهبي: الشيخ المسند الأمين. سير أعلام النبلاء ١٥/ ٥١٩، وفيه عثمان بن سعيد الدارمي، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الجرح والتعديل ٦/ ١٥٣، وقال الذهبي: الإمام العلامة الحافظ الناقد، شيخ تلك الديار. سير أعلام النبلاء ١٣/ ٣١٩، وبقية رجاله ثقات. فالأثر حسن. ويوفق بين هذه الرواية ورواية الصحيح بأن رواية الصحيح محتملة الزيادة والنقص حيث فيها ستة وثمانين أو نحوها، فيحمل على أنها كانت بين الثمانين والستة والثمانين. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>