للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رابعاً: حرصه على سلامة تعلم القرآن وأخذه عن المتقنين لقراءته وترتيله]

ومن صور ذلك:

ما رواه عبيد (١) بن عمير، قال: اجتمعت جماعة في بعض ماء حول مكّة، قال: حسبت أنّه قال: بأعلى الوادي ههنا، قال: وفي الحجّ فحانت الصّلاة، فتقدم رجل من آل أبي السائب المخزومي أعجمي اللسان، قال: فأخرّه المسور بن مخرمة (٢)، وقدّم غيره، فبلغ عمر بن الخطاب، فلم يعرفه بشيء حتى جاء المدينة، فلما جاء المدينة عرفه بذلك، فقال المسور: أنظرني يا أمير المؤمنين، إن الرجل كان أعجميَّ اللسان، وكان في الحجّ، فخشيت أن يسمع بعض الحاجّ قراءته، فيأخذ بعجمته، قال: أو هناك ذهبت؟ قال: نعم، قال: أصبت (٣).


(١) عبيد بن عمر بن قتادة اللّيثي أبو عاصم المكّيّ، ولد على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قاله مسلم، وعدّه غيره في كبار التّابعين. وكان قاص أهل مكّة، مجمع على ثقته. مات قبل ابن عمر رضي الله عنهما. تق: ٣٧٧.
(٢) تقدمت ترجمته في ص: (٣٢٤).
(٣) رواه الشافعي / المسند، ص: ٥٤، عبد الرزاق / المصنف ٢/ ٤٠٠، ابن سعد / الطبقات الكبرى / الخامسة ٢/ ١٤٢، ١٤٣، البيهقي / السنن الكبرى ٣/ ٨٩.
وسنده عند عبد الرزاق متصل ورجاله ثقات. قال: عن ابن جريج، أخبرني عطاء، قال: سمعت عبيد بن عمير يقول: اجتمعت … الأثر. ورواه الشافعي والبيهقي من طريق ابن جريج به مثله.
وأما ابن سعد فقد رواه من طريق آخر، وفي نصّه اختلاف، ففيه أن المسور خرج تاجراً إلى سوق عكاظ أو ذي المجاز فإذا رجل من الأنصار يؤم الناس أرت أو ألثغ، فأخره وقدم رجلاً، فغضب الرجل المؤخر، فأتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين إن المسور أخرني وقدم رجلاً، فغضب عمر وجعل يقول: واعجباً لك يا مسور!
فقال: لا تعجل يا أمير المؤمنين فوالله ما أردت إلاّ خيراً، فقال: وأنى الخير في هذا؟ فقال: إن سوق عكاظ أو ذي المجاز، اجتمع فيها ناس كثير عامتهم لم يسمع القرآن، فكان الرجل أرت أو ألثغ، فخشيت أن يتفرقوا بالقرآن على لسانه، فأخرته، وقدمت رجلاً عربياً بيّناً. فقال عمر: جزاك الله خيراً. اهـ.
ومعنى: أرت أو ألثغ: اللّثْغَة: هو الذي لا يُبَيِّن الكلام، وقيل: هو الذي قصر لسانه عن موضع الحرف ولحق موضع أقرب الحروف من الحرف الذي يعثر لسانه عنه. ابن منظور / لسان العرب ٢/ ٢٣٥.
وإسناد ابن سعد فيه عبد الله بن جعفر المخزومي ليس فيه بأس تق: ٢٩٨. وأم بكر هي ابنة المسور بن مخرمة.
قال الذهبي رحمه الله: تفرد عنها ابن أخيها عبد الله بن جعفر ولم يذكر فيها جرحاً ولا تعديلاً. ميزان الاعتدال، ٤/ ٦١١.
قال ابن حجر: مقبولة تق: ٧٥٥. وبقية رجاله ثقات، فالأثر ضعيف بهذا اللّفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>