أظهرنا، فقمت، فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا، فكنت أول من فزع، فأتيت هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز الثعلب وهؤلاء الناس ورائي، فقال:"يا أبا هريرة"، وأعطاني نعليه، فقال:"اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة"، فكان أول من لقيت عمر، فقال: ما هاتان النعلان يا أبا هريرة؟ فقلت: نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني بهما، من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه، فبشره بالجنة، فضرب عمر بيده بين ثدي، فخررت لأستي، فقال: ارجع يا أبا هريرة، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجهشت بكاء، وركبني عمر، فإذا هو على إثري، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مالك يا أبا هريرة؟ " قلت: لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني به، فضرب بين ثدي ضربة خررت لأستي، قال: ارجع، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا عمر، ما حملك على ما فعلت؟ " فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أبعثت أبا هريرة بنعليك من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه، بَشره بالجنة؟ قال:"نعم"، قال: فلا تفعل، فإني أخشى أن يتكل الناس عليها، فخلهم يعملون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فخلهم"(١).
(١) رواه مسلم / الصحيح / شرح النووي ١/ ٢٣٣، ٢٤٠، أحمد / المسند ٤/ ٤٠٢، ٤١١ وغيرهما.