للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه، قال: نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، فجعل عمر رضي الله عنه يردد هذا الكلام حتى سكن غضب النبي صلى الله عليه وسلم (١).

ولما حُضر النبي صلى الله عليه وسلم ودنا أجله قال: "هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده"، وكان عنده رجال فيهم عمر بن الخطاب، فقال عمر رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن حسبنا كتاب ربنا (٢).


(١) رواه مسلم / الصحيح / شرح النووي ٨/ ٤٩ - ٥١، أبو داود / السنن ٢/ ٣٢١، ٣٢٢.
(٢) رواه البخاري / الصحيح ٣/ ٢٩١، ٤/ ٧١، ٢٧١، مسلم / الصحيح / شرح النووي ١١/ ٩٥، عبد الرزاق / المصنف ٥/ ٤٣٨، ٤٣٩، أحمد / المسند ١/ ٣٣٤، ٣٣٥، وغيرهم.
قال ابن حجر رحمه الله: اتفق قول العلماء على أن قول عمر: حسبنا كتاب الله من قوة فقهه ودقيق نظره، لأنه خشي أن يكتب أموراً ربما عجزوا عنها فاستحقوا العقوبة لكونها منصوصة، وأراد أن لا ينسد باب الاجتهاد على العلماء، قال: وفي تركه أي النبي صلى الله عليه وسلم الإنكار على عمر إشارة إلى تصويب رأيه، ويحتمل أن يكون قصد التخفيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما هو فيه من شدة الكرب، وقامت عنده قرينة بأن الذي أراد كتابته ليس مما لا يستغنون عنه إذ لو كان من هذا القبيل لم يتركه لأجل اختلافهم، ولا يعارض ذلك قول ابن عباس: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم، لأن عمر كان أفقه منه قطعاً. فتح الباري ٨/ ١٣٣، ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>