ومن صور استشارته رضي الله عنه لرعيته، استشارته رضي الله عنه المهاجرين والأنصار في الرجوع إلى المدينة عندما علم بوقوع الطاعون بالشام.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: خرج عمر رضي الله عنه إلى الشام حتى إذا كان بسرغ (١) لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام، فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجت لأمر، ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي الأنصار، فدعوتهم، فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش، من مهاجرة الفتح، فدعوتهم، فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى
(١) سَرْغْ: سهل واسع تقع حالة عمار على طرفه الجنوبي، وبلدة المدورة الأردنية على طرفة الشمالي والمسافة بينهما تسعة عشر كيلاً، أو أن سرغ هو المدورة ذلك أنه لا تزال توجد بئر يستقي منها أهل المدورة تعرف باسم سرغ. البلادي / معجم المعالم الجغرافية ص ١٣٦.