للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتعارض بين الروايتين ظاهر، وبَيّن ولا يمكن الجمع بينهما فلا بد من ترجيح إحداهما على الأخرى، وكأن ابن حجر رحمه الله مال إلى ترجيح قول الطبري رحمه الله تعالى قال: وروى الطيالسي والبخاري في تاريخه من طريق أيوب بن عبد الله بن يسار عن عمرو (١) بن أبي عقرب سمعت عتاب أسيد وهو مسند ظهره إلى بيت الله يقول: والله ما أصبت في عملي هذا الذي ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثوبين معقدين كسوتهما مولاي كيسان. وإسناده حسن، ومقتضاه أن يكون عتاب عاش بعد أبي بكر، ويؤيد ذلك أن الطبري ذكره في عمال عمر في سني خلافته كلها إلى سنة اثنتين وعشرين، ثم ذكر أن عامل عمر على مكة سنة ثلاث وعشرين كان نافع بن عبد الحارث، فهذا يشعر بأن عتاباً مات في آخر خلافة عمر رضي الله عنه (٢).


(١) عمرو بن أبي عقرب، سمع عتاب بن أسيد روى عنه سليط وأيوب ابنا عبد الله بن يسار حديثه عن أهل مكة، وليست له صحبة. البخاري/ التاريخ الكبير ٦/ ٣٥٦، ابن أبي حاتم/ الجرح والتعديل ٦/ ٢٥٢.
(٢) الإصابة ٢/ ٤٥١.
ولعل وجه الدلالة من كلام ابن حجر أن عمرو بن أبي عقرب لقي عتاباً وسمع منه وعمرو لا صحبه له فهذا يدل على صغر عمره في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم فكونه يلقي عتاباً ويسمع منه يدل على أنه كان كبير السن حين لقي عتاباً، وفي هذا دليل على أن عتاباً عاش بعد خلافة أبي بكر طويلاً حتى لقيه عمرو ابن أبي عقرب وسمع منه وهو شاب كبير. وفي هذا ترجيح للقول بأن عتاباً تولى إمارة مكّة معظم خلافة عمر رضي الله عنه، لأن مدة خلافة أبي بكر بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم سنتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>