للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل حمص كيف وجدتم عاملكم؟ فشكوه إليه، وكان يقال لحمص الكويفة الصغرى لشكايتهم العمال، فشكوا أربعاً، قالوا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار.

قال: أعظم بها، قال: وماذا؟ قالوا: لا يجيب أحداً بالليل، قال: وعظيمة، قال: وماذا؟ قالوا: له يوم في الشهر لا يخرج فيه إلينا، قال: وعظيمة، قال: وماذا؟ قالوا: يغبط الغبطة بين الأيام، أي تأخذه موتة، فجمع عمر بينهم وبينه، وقال: اللهم لا تقيل رأي فيه اليوم ما تشكون منه؟ فذكروا الشكوى الأولى، فقال سعيد: والله إن كنت لأكره ذكره، ليس لأهلي خادم، فأعجن عجيني، ثم أجلس حتى يخمر، ثم أخبز خبزي، ثم أتوضأ ثم أخرج إليهم، ثم ذكروا الثانية فقال: إني جعلت النهار لهم، والليل لله عز وجل، ثم ذكروا الثالثة فقال: ليس لي خادم يغسل ثوبي، ولا ثياب لي أبدلها، فأجلس حتى يجف، ثم أدلكها ثم أخرج إليهم من آخر النهار، ثم ذكروا الرابعة، فقال: شهدت مصرع خبيب الأنصاري (١) بمكة، وقد بضعت قريش لحمه، ثم حملوه على خشبة فقالوا: أتحب أن محمداً مكانك؟ فقال: والله ما أحب أنني في أهلي وأن


(١) خُبَيب بن عدي الأنصاري من بني جحجبا بن عوف بن كُلفة، شهد بدراً، وأسر يوم الرجيع في السرية التي خرج فيها مرثد بن أبي مرثد، وعاصم بن ثابت، وخالد ابن البكير في سبعة نفر فقتلوا، وذلك في سنة ثلاث، ثم قتله عقبة بن الحارث. ابن عبد البر/ الاستيعاب ٢/ ٢٣، ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>