للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفضل الله عز وجل في أقلّ من عشر سنوات بالرغم من قوّة الروح الاستقلاليّة بين القبائل، وتغلغل العصبيّة القبليّة والنزاعات الجاهليّة (١).

وكان لا بد من بعث أمراء على هذه القبائل والبلدان والمدن التي دخلت تحت راية الإسلام وعلماء يعلّمونهم أمور دينهم وقضاة يقيمون العدل فيهم ويحكمون فيما شجر بينهم.

فبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم قبل حجّة الوداع أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن كلّ منهما أمير على مخلاف (٢). واليمن مخلافان، ثم قال: "يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا". فانطلق كلّ واحد منهما إلى عمله، وكان كلّ واحد منهما إذا سار في أرضه كان قريباً من صاحبه، فسار معاذ في أرضه قريباً من صاحبه أبي موسى، فجاء يسير على بغلته حتى انتهى إليه، إذا هو جالس، وقد اجتمع إليه النّاس، وإذا رجل عنده قد جمعت يداه إلى عنقه، فقال له معاذ: يا عبد الله بن قيس أيم (٣) هذا؟ قال:


(١) انظر: د. أكرم العمري / السيرة النبويّة الصحيحة ٢/ ٥٤١ - ٥٤٨.
(٢) المِخْلاف: هي الكورة والإقليم والرُّسْتاق، وكانت جهة معاذ العليا صوب عدن، وكان من عمله الجَنَد، وله بها مسجد مشهور إلى اليوم، وكانت جهة معاذ السّفلى. ابن حجر / فتح الباري ٨/ ٦١.
(٣) أَيْم هذا: أي: أي شيئ به؟ ابن منظور / لسان العرب ١/ ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>