للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءت امرأة إلى عمر رضي الله عنه فقالت: إن زوجي كثر شره، وقل خيره، فقال لها عمر: ومن هو زوجك؟ قالت: أبو سلمة، قال: إن ذاك الرجل رجل له صحبة، وإنه لرجل صدق، ثم قال عمر لرجل جالس عنده: أليس كذلك؟ فقال: يا أمير المؤمنين لا نعرفه إلا بما قلت، فقال عمر لرجل: قم فادعه لي، وقامت المرأة حين أرسل إلى زوجها، فقعدت خلف عمر، فلم يلبث أن جاءا معاً، حتى جلس بين يدي عمر، فقال عمر: ما تقول في هذه الجالسة خلفي، فقال: ومن هذه يا أمير المؤمنين؟ قال: هذه امرأتك، فقال: وتقول ماذا؟ قال: تزعم أنه قد قل خيرك، وكثر شرك، فقال: بئس ما قالت يا أمير المؤمنين، إنها لمن صالح نسائها، أكثرهن كسوة وأكثرهن رفاهية، ولكن فحلها بكي (١)، فقال عمر: ما تقولين؟ قالت: صدق، فقام إليها عمر بالدرة، فتناولها بها، ثم قال: أي عدوة نفسها، أكلت ماله، وأفنيت شبابه، ثم أتيت تخبرين بما ليس فيه، فقالت: يا أمير المؤمنين لا تعجل فوالله لا أجلس هذا المجلس أبداً، ثم أمر لها بثلاثة أثواب فقال: خذي لما صنعت بك، وإياك أن تشتكي هذا الشيخ، ثم أقبل على زوجها بعد أن قامت، فقال: لا يمنعك ما رأيتني صنعت بها أن تحسن إليها، انصرفا. فقال الرجل ما كنت لأفعل (٢).


(١) بَكِيّ: بكأت الناقة والشاة: قل لبنها، وقيل انقطع، وبكأ الرجل: قل كلامه خِلْقَة. ابن منظور / لسان العرب ١/ ٤٦٨، ٤٦٩، ولعل المراد به في الأثر هو ضعفه عن الجماع، والله أعلم.
(٢) رواه الطيالسي / المسند ص ٧، ٨، صحيح.
قال: حدّثنا حماد بن زيد عن معاوية بن قرة المزني، قال: أتيت المدينة زمن الإقط والسمن والأعراب يأتون بالبرقاء فيبيعونها فإذا أنا برجل طامح بصره ينظر إلى الناس فظننت أنه غريب فدنوت منه فسلمت فردّ عليّ، وقال: من أهل هذه أنت؟ قلت: نعم. فجلست معه. فقلت ممن أنت؟ فقال: من هلال واسمي كهمس، أو من بني سلول واسمي كهمس. ثم قال: أحدّثك حديثاً شهدته من عمر بن الخطاب، فقلت: بلى. قال: بينما نحن جلوس عنده إذا جاءت امرأة … الأثر.
ومعنى طامح بصره، أي: رافع بصره. ابن منظور/ لسان العرب ٨/ ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>