فإن قيل: السامع إن لم يعلم فائدته، يعلم أنه لا بَّد فيه من فائدة ما، فيحصل له حالة لم تكن قبل ذلك- قلنا: الذي يُخرج الكلام عن كونه عبثًا وسفهًا حصول فائدة وضع لها الكلام، إما على الجملة أو على التفصيل:[فـ] لا يعتبر حالة في الجملة. ولو جاز ذلك، لجاز أن يضرب الحكيم منا إحدى يديه على الأخرى ثم يقول بعد مدة: أردت بذلك أن أفهمك معنى من المعاني المطلوبة بالكلام بالتصفية، فكما أن ذلك سفه وقبيح- فكذا هذا.
(ب وجـ) -وفي الوجه الثاني والثالث- اختلفوا:
قال بعضهم: لا يجوز تأخير البيان فيهما.
وقال بعضهم: يجوز تأخير البيان فيهما.
والمختار: أنه يجوز في الوجه الثاني في حال، ولا يجوز في حال. ولا يجوز في الوجه الثالث بكل حال.
(ب) أما الوجه الثاني: فهو على وجهين: إما أن يريد المتكلم أحد المعنيين غير عين، أو يريد أحدهما على التعيين.
* ففي الوجه الأول- يجوز تأخير البيان. والدلالة على ذلك أن هذا الخطاب يفيد فهم المراد على الإجمال، لأنه موضوع لكل واحد منهما على سبيل الانفراد. فهذا يقتضي في اللغة أن المتكلم أراد به أحد المعنيين: إما هذا وإما ذاك. فإن عني به ذلك والسامع من جهة اللغة فهم هذا النوع من التردد، لا يجب عليه البيان، لأنه يجوز أن يكون للمخاطب غرض من أن يفهم غير مراده على وجه الإجمال، كما يجوز أن يكون له غرض في أن يفهم مراده على سبيل التفصيل، فلا يستقبح منه ذلك، ولهذا حسن وضع الأسماء المشتركة.