فإن قيل: الغرض من التعبد إنما هو الفعل، والفعل لا يمكن إقامته إلا بعد البيان على وجه التفصيل، فيجب البيان في الحال- قلنا: الغرض، قبل حضور وقت العمل به، التمكين من العلم، إما مجملًا أو مفصلًا، وهو حاصل. أما الفعل فهو مطلوب عند حضور وقته، ونحن لا نجوز تأخير البيان عن ذلك الوقت.
فإن قيل: لو جاز أن يخاطبنا الله تعالى بالمجمل ولم يبين في الحال، لجاز أن يخاطب العرب بلغة الزنج، والجامع بينهما عدم فهم المخاطب مراده.
ولا يقال بأن الفارق بينهما أن العرب لا يفهم من لغة الزنج شيئًا ويفهم من المجمل شيئًا في الجملة- لأنا نقول: آعتبرتم في حُسن الخطاب: معرفة المراد بكماله، أو معرفة شيء من المراد؟ إن قال بالأول لزم المنع من تأخير البيان، لأن كمال المعرفة لا يحصل مع الإجمال. وإن قال بالثاني لزمه خطاب العرب بلغة الزنج، لأن العربي متى عرف حكمة الزنجي، يعرف أنه أراد بخطابه إما الأمر أو الخبر أو غير ذلك- قلنا: المعتبر في حُسن الخطاب تمكين المكلَّف لمعرفة