٢ - ومنها- أنه لو جاز أن يجب العمل بما يخبر به الواحد عن النبي عليه السلام، ويحكم بكونه مصلحة إذا غلب على الظن صدقه، لجاز أن يجب العمل بما يخبره الواحد أن الله تعالى أوجب عليكم هذا الفعل إذا غلب الظن [صدقه]، إذ لا فرق بينهما إلا أن المخبر يخبر عن الله تعالى بلا واسطة، والمحدث يخبر عن الله تعالى بواسطة [نبي].وليس لكم أن تقولوا إنه لابد في وجوب العمل بخبر الواحد من دليل قاطع، وهذا لا يتم إذا كان صدق المدعين للنبوات مظنوناً غير مقطوع به. لأن الدليل القاطع إما كتاب الله تعالى أو سنة متواترة أو إجماع الأمة. وإجماع الأمة لابد أن يستند إلى قول الله تعالى أو إلى قول الرسول، وقول الله تعالى إنما يعرف بقول الرسول. فإذن الدليل الشرعي لا يكون مقطوعا به، إلا إذا عرف صدق المدعى للنبوه، [ويكون] ثابتا بالمعجزة، لأنا ما ألزمناكم أن يكون صدق جميع المدعين للنبوة مظنونا، وإنما يلزمكم أن يكون صدق بعضهم مظنونا، وصدق بعضهم ثابتا بمعجزة، ثم يخبر ذلك الرسول [الذي] تثبت نبوته بالمعجزة أن لو أخبركم إنسان "أن الله تعالى بعثه بالشرائع" وغلب على ظنكم صدقه، فاعلموا بأن ذلك مصلحة لكم واعملوا به.