للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- وقد تكون لبيان الجنس- كقولك: "باب من حديد". فهذا ليس للتبعيض، لنه لو لم يكن في العالم إلا الحديد الذي اتخذ منه الباب، صح أن يقال: "باب من حديد".

والصحيح أن كلمة "من" لتمييز الشيء عن غيره. وإنما استعملت في هذه المواضع لإفادة معنى التمييز، حتى لا تختلف فائدة الكلمة باختلاف المواضع. بيانه- أن معنى التمييز حاصل في قوله: "خرجت من مكة" لأن الكائن في مكان متصل به ومجاور له، وبعض الشيء حقيقة متصل به. فإذا خرج فكأنه انفصل وتميز منه. وكذا في انفصال الجزء عن كله. وكذا في قوله: "باب من حديد" أفاد تمييز الحديد من سائر الأجناس في اتخاذ الباب منه.

ومنها- كلمة "إلى":

وهي لانتهاء الغاية، كقولك: "خرجت من بصرة إلى الكوفة": أفاد أن الكوفة منتهى خروجك.

ثم الغاية قد تدخل في الكلام وقد لا تدخل. ولهذا قالوا: إن قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ وأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ} مجمل.

والصحيح أن الغاية لا تدخل في الكلام، وهذه الآية لا تقتضي وجوب غسل المرافق، لأنها تفيد وجود غسل أيدي نهايتها المرافق، ومن غسل الأيدي إلى أول المرافق صدق [عليه] القول بأنه غسل أيدي نهايتها المرافق، فسقط الأمر به، كمن قال لغيره: "ادخل الدار" فإذا فعل فعلًا يصدق عليه اسم دخول الدار يخرج عن العهدة، وهذا لأن سقوط الأمر متعلق بوجود أول الاسم لا بوجود آخره- ألا ترى أن من انتهى إلى أول بغداد صح أن يقال: إنه انتهى

<<  <   >  >>