أنه ترك رأيه في الجنين، وفي تفضيل الأصابع في الدية بخبر واحد، ولم ينكر عليه أحد، فكان ذلك إجماعاً.
ولقائل أن يقول: يحتمل أن حكميهما بالرأي كان قياساً على أصل حكمه غير مقطوع به، فلا خلاف فيه.
٢ - ومنها- أن خبر الواحد أصل القياس، لأن القياس قد يكون على أصل ثبت حكمه بخبر الواحد، ولا يجوز ترك الأصل بالفرع. ولقائل أن يقول: نحن ما تركنا الخبر الذي هو أصل القياس بالقياس، وإنما تركنا خبراً عارض هذا القياس، ولأن هذا إنما يلزم من يرجح قياساً على حكم ثبت بخبر الواحد، ونحن إنما رجحنا قياساً على حكم ثبت بدليل مقطوع به.
٣ - ومنها- أن خبر الواحد قد يجرى مجرى ما ثبت من النبي عليه السلام، ولو سمعنا من النبي عليه السلام، كان الأخذ به أولى- فكذا هذا. ولقائل أن يقول له: إنما جرى مجرى ما سمع من النبي عليه السلام في حق العمل، فكذا القياس: جار مجرى ما سمع من النبي عليه السلام في حق العمل. على أنه إن جرى مجراه في حق العمل، لم يجب أن يجرى مجراه في حق الأمور أجمع- ألا ترى أنه لم يجر مجراه في نسخ الكتاب، فكذا في تقديمه على القياس.
٤ - ومنها- أن إثبات الحكم بخبر الواحد يستند إلى قول النبي عليه السلام بلا واسطة. وبالقياس مستند إليه بواسطة، فكان الأخذ بالخبر أولى.
ولقائل أن يقول له: إن كان لإثبات الحكم بالخبر مزية من هذا الوجه، فلإثبات الحكم بالقياس مزية، من حيث إنه يستند إلى أصل معلوم.