وأما الذاهبون إلى ترجيح القياس على الخبر [ف] تعلقوا بأشياء:
١ - منها- أن القياس مما لا يجوز تخصيصه، والخبر يجوز تخصيصه، فكان القياس محكماً في الدلالة، فالأخذ به أولى.
ولقائل أن يقول له: هذا يقتضى تقديم القياس على الكتاب والسنة المتواترة. على أنه إن كان للقياس مزية من هذا الوجه، فللخبر مزية من حيث إن دلالة الألفاظ غير مستنبطة، ودلالة القياس مستنبطة من الألفاظ.
٢ - ومنها- أن القياس أثبت من الخبر، لأن الخبر يجوز فيه الكذب على مخبره. ولقائل أن يقول له: جواز الكذب في الخبر كجواز كون الحكم غير متعلق بأمارة القياس، فإن كل واحد منهما جائز، وإن كان الغالب خلافه.
٣ - ومنها- أن القياس يخص به العموم من الكتاب، فلأن يجوز ترك الخبر به أولى، لأن خبر الواحد أضعف في الدلالة من عموم الكتاب.
ولقائل أن يقول: ليس بأن يترك الخبر بالقياس، لأجل أن القياس مما يخص به عموم الكتاب، بأولى من أن يترك القياس بالخبر، لأجل أن الخبر مما يخص به عموم الكتاب. على أنا إذا خصصنا عموم الكتاب بالقياس، لم نكن تاركين العمل بالكتاب أصلاً، فإنه يبقى معمولاً به فيما وراء التخصيص، ولو رجحنا القياس على الخبر كان فيه ترك الخبر أصلاً.
٤ - ومنها- ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه رد حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو قوله عليه السلام: "إذا استيقظ أحدكم من منامه