ألا ترى أنه لا يجوز أن يقول لغلامه:"إن زنيت وشربت الماء أعاقبك"، ولما جمع بينهما، دل أن إتباع غير سبيل المؤمنين قبيح.
فإن قيل: على وجه التعلق بالآية [اعتراض] من وجوه:
أحدها- لا نسلم بأن إتباع غير سبيل المؤمنين قبيح وحرام. أما قوله: إن الله تعالى جمع بينهما في إلحاق الوعيد- قلنا: هذا إلحاق الوعيد بمن اتبع غير سبيل المؤمنين ووجدت قرينة مشاقة النبي عليه السلام، وهذا لا يدل على إلحاق الوعيد بإتباع غير سبيل المؤمنين بدون مشاقة النبي عليه السلام.
والثاني- أن هذا إلحاق الوعيد بمن اتبع غير سبيل المؤمنين بشرط تبين الهدى له، واللام في الهدى لام الجنس، فتستفيد جميع الهدى. ومما أجمعوا عليه من الحكم، من الهدى، فيجب تبين ذلك بدليل سوى قولهم، كمن قال لغيره: إذا تبين صدق فلان فاتبعه: يقتضى تبين صدقه، بدليل سوى قوله. ونحن نقول: إذا ظهر وتبين أن ما أجمعوا عليه حق وصواب بدليل آخر، يجب القول به.
والثالث- إن سلمنا أن إتباع غير سبيل المؤمنين حرام وقبيح، ولكن من أين لكم وجوب إتباع سبيل الدين؟ وهذا لأنه ليس من ضرورة المنع من إتباع غير سبيل المؤمنين، إيجاب إتباع سبيلهم، فإنه يجوز أن لا يتبع غير سبيل المؤمنين، ولا [يتبع] سبيلهم، بل يقف ويشك فيه.