للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والرابع- أن ظاهر النص إن كان يقتضى ذلك، لكن ما سبيل المؤمنين الذي يجب الإتباع فيه؟ فإن السبيل هو الطريق، وليس المراد هو ما استطرقوه من الطرق التي يمشون فيها، لأنه لا يحرم على الإنسان أن يمشي في طريق لا يمشون فيه، وكان المراد منه ما استطرقوه من الطرق التي [دلتهم] إلى ما يحكمون به، وهو الاجتهاد.

ونحن نقول: على كل من هو أهل الاجتهاد والاستدلال، الاستدلال- والاجتهاد واجب إذا لم يظفر بالنص.

والخامس- إن سلمنا أن اسم السبيل يقع على الحكم، لكنه يقع على الاستدلال أيضاً، لأن المجمعين لما صاروا إليه فيما أجمعوا، فإن ذلك سبيل لهم. كما أن الحكم الذي حكموا به صار سبيلاً لهم، فلم كان الحمل على وجوب إتباعهم في الحكم أولى من الحمل على وجوب إتباعهم في الاستدلال على الحكم.

السادس- أن المراد من هذا السبيل سبيلهم في أصل الإيمان، لأن سبيل المؤمنين ما صاروا به مؤمنين، وهو الإيمان بالله تعالى. وهذا كمن يقول لغيره، "اتبع سبيل الصالحين": يفهم منه: اتبع سبيلاً صاروا به صالحين.

والسابع- أن المراد منه إتباع سبيلهم في ترك مشاقة النبي عليه السلام، لأن سبيلهم ترك مشاقة النبي عليه السلام، فيفهم منه ذلك، كقول القائل: "من منع المال وسلك طريقة البخلاء، فعليه كذا وكذا": يفهم منه سلوك طريقهم من منع المال، فكذا هذا.

ونحن نقول: إن إتباعهم في ترك مشاقة النبي عليه السلام والانقياد واجب.

<<  <   >  >>