للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* والثاني- أن الشرط في لحوق الوعيد بمشاقة النبي عليه السلام تبين الهدى بعرفة الله تعالى وصفاته ومعرفة النبي وصدقه، دون العلم بأحكام الفروع- ألا ترى أن من عرف الله تعالى بصفاته وعرف النبي عليه السلام وصدقه ثم حاد عن نبوته كان مشاقاً للنبي صلي الله عليه وسلم، وإن لم يعرف أحكام الفروع، فلما كان الشرط هذا في لحوق الوعيد، لمشاقة النبي عليه السلام، فكذلك في إتباع غير سبيل المؤمنين، لأن الشرط واحد فيهما.

* والثالث- أن الآية خرجت إعظاماً للمؤمنين- فلو شرطنا تبين ما أجمعوا عليه من الحكم في وجوب الإتباع، لبطل معنى الإعظام. فإن غير سبيل المؤمنين إذا عرفنا قولاً من أقاويلهم هذا حاله، يجب علينا القول بذلك.

وأما الثالث- قلنا: كلمة "غير" إما أن تكون بمعنى كلمة "إلا"، أو بمعنى "الصفة". فإن كان الأول: صار معنى الآية: ومن يتبع إلا سبيل المؤمنين- فدخل تحت الآية: من لم يتبع سبيلهم بأن يشك ويقف في ذلك، ومن اتبع غير سبيلهم أيضاً- فصارت الآية حجة من هذا الوجه. وإن كان الثاني: فالآية تقتضى المنع من القول بإباحة ما أجمعت الأمة على حظره، ويحظر ما أجمعت الأمة على إباحته. [و] الخصم لا يقول به.

قوله: بأنه يشك ويتوقف- قلنا: بالشك يتبع غير سبيل المؤمنين، لأن سبيلهم القطع دون الشك، على أن المفهوم من النهى عن إتباع غير سبيل المؤمنين، الأمر بإتباع سبيلهم، كالنهى عن إتباع غير سبيل الصالحين: أمر بإتباع سبيل الصالحين.

<<  <   >  >>