به جميع الدين. وغرضه بذلك أن يبين أنه ليس كل ما جاءت به السنة مما يقتضيه الرأي وبين ذلك بالمسح على الخف. وكذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه محمول على ما ذكرنا [فإنما ذم بذلك الرأي قبل طلب السنن والنظر فيها].
(جـ) - ومما يدل على كون القياس حجة: ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: " بم تقضي يا معاذ؟ قال: بكتاب الله تعالى. قال: فإن لم تجد. قال: فبسنة رسوله. قال: فإن لم تجد. قال: أجتهد فيه رأيي. فقال عليه السلام: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله": صوبه النبي عليه السلام في اجتهاد بعد الانتقال من الكتاب والسنة، وإنما أراد به الحكم بالاجتهاد.
وعنه عليه السلام أنه قال لمعاذ ولأبى موسى الأشعري حين أنفذهما إلى اليمن"بم تقضيان؟ قالا: إن لم نجد الحكم في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله قسنا الأمر بالأمر، فما كان أقرب إلى الحق، قلنا به".
وعنه عليه السلام أنه قال لابن مسعود رضي الله عنه:"فإن لم تجد في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله، اجتهد رأيك".
فإن قيل: إنما عني قول معاذ: "أجتهد رأيي": أجتهد [في] الاستدلال بمعنى النصوص، أو معناه: اجتهد في طلب الحكم من الكتاب والسنة- قلنا:
[أولاً] من اجتهد في الاستدلال بالنصوص، لا يقال اجتهد رأيه، ولأنه علق الاجتهاد بنفي وجدان النص مطلقاً، الجلي والخفي جميعاً، فلا يمكن حمله على ذلك.